Powered By Blogger

الثلاثاء، يناير 10، 2012

رسالة صغيرة جدا لمحمد الصادق الحاج * !

إلي صاحب " أخوات ميم "* ، وهو في الملكوت الظليل  ... !
ياكاتب القدس المسطور بأقلام الدواخل المشرعات برعشات الحب والخيبة علي أوجه محامدها ...أنت في الدنيا والملكوت : كاتب !الثقافة العربية ياعزيزي ، تاريخيا ، كانت - ولا تزال في كثير من وجوهها - ترفض الشعر ، لكنها تستعذب بعضه ، تلتذ به في الخفاء وفي الستر المحجوب عن العامة والعارفين ، ترفضه - إذن - أستنادا علي أسس دينية ! فمن الشائع المعلوم لديها - وهي الوجه الثقافي العاري للدين - أن الشعر قد كف عن أنتاج المعرفة بعد الأسلام ! نقول بذلك ، ياصديق الغرانيق العلا ، لكننا قد شهدنا وعرفنا أن الشعرية المحدثة ، قد سعت - بجهد كثير - لترسيخ العلاقة ، الكائنة أصلا ، بين الفكر والشعر ! ونحن ، إذ ننظر في أمر حالتنا الشعرية الراهنة ، نحمد لاؤلئك الرواد الكبار جهدهم وكدهم المعرفي : أبو نواس والنفري وأبو العلاء ، وهل هناك غيرهم في فضاءنا الشعري ؟، ربما كان فيهم نار الأوائل ورمادها في يوم الرياح العواصف ذوات الزمهرير ، هل تذكرهم الآن ، أم أن الغبار داكنا قد صار ، ومالحا في القلب ؟ و ... ياومضات الصبابات تدفقي ولا تقفي في الطريق ! هم ، نحتوا في الصخرة الجلمود ، الكائنة فوق أعلي أعالي الجبل ، مسربا للقصيدة ، صغيرا وفاتنا ، لكنه ، أبدا ما حظي بأعجاب الصبايا الجميلات يبتردن في النهر أسفل الجبل ، ويلتحفن الحريق !فعلوا ما عن لفكرهم أن يفعلوه ، غير أن مظهر " التعالي " الديني ، قد قيد - بسلاسل اللغة والتفكير - قدراتهم الفذة في راحابة التفكير الحر ، قيدهم إليه ، حتي أضني منهم النفوس ، وأعجز فيهم أساليب المراوغة الماكرة ، حتي بات الشعاع - الذي ظنناه لخيبتنا مشرقا بالبهاء الأنيق - شاحبا لاتكاد تراه إلا العيون البصيرة كالتي تمتعن بصفاء تحديقها صويحباتك " الأخوات " عند تجلياتهن العاريات ، وهن العارفات الفاتنات ! هل تذكر - ياخصيم اللغة - كيف كان بن عربي يصيح بملء بصيرته : " أنا بوطيقي الحكم ، وموسيقي النغم ، وجامع حقائق الكلم " !؟ وتلك بعضا من الأسئلة التي أستللتها من سردك الباطن ومسرات لغاتك الضاحكات : ألهذا ، جعلت غواية التأويل التي تعنف النص ، وتعرض عليه علاقات لايسعها سياقه النصي ، هي هي سياقك و" الأخوات " ؟ ... وهل ، وأنت تكتب ، كنت تنظر للنفري حيث يقول أن " لكل شئ شجر ؟ " ... ويا صديقي ، في البحر واليابسة ، تعلم أنني قد علمت لديك معاناة وجودية مع اللغة ، أفيكون - لهذا السبب بالذات - قد جعلت العنوان " أخوات ميم ... النهلة توصد أزرقها " ، وأنت تعلم ، أن العنوان هو توقيعك الشخصي الذي يتقدم النص ويؤشر - في الآن نفسه - علي أحتمالاته كلها ، ويكشف عن ممارساته النصية ذاتها لديه ! كيف أقترفت كل هذا الوضوح و ... ذاك الصراخ ؟ أعرف أنك تري ، بالوسيعات ، محدودية اللغة وإلزاميتها المقيدة للحركة والسلاسة ، ولكنك - والحق يقال - أنك ، أبدا لم تمجد الصمت ... أننا نعرف أنك تعيش هذه التجربة المروعة بإمتياز لتبلغ بها أقصي ممكناتها ، من خلال الأصطدامات الكثيرة المتنوعة بجدار اللغة ، مواجهة جسورة لتسلط اللغة من داخلها ... أيها الباسل الجسور الوحيد ، هل كنت تخشئ - وأنت في الذري وتتطلع للعلا - مقولة بارت : اللغة لا خارج لها ، أنها إنغلاقة " ؟ ... أو لعلك كنت في الوسط ، في القلب من المتاهة ؟ ولكن ، ياعزيزي ، خبرني أنت - ومعك " الأخوات " الفاتنات ، لم كل هذا الحديث إليك ، ولماذا الآن بالذات ؟  إذن ، تلك هي الأسئلة ، أما أنا ، فقولي هو : حين أفتقدتك في الليل الأمير ، بدأت أهذي إليك مني ، ياشجر التمني ... وحتي لا أنام !
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* محمد الصادق الحاج ، من أميز كتاب الشعر في السودان ، بوجه جسور وكتابة ليست سليلة لأحد ولا لرؤيا يقتفي أثرها ، نصوصه مفتوحة علي فضاءات رحيبة وببصيرة ولغة باهرة فاتنة ، تتلمس الوجود ، تراوغه إذ تعيشه واقعا يسعي بين الناس ! صدر له كتابان : " جنائن الهندسة " و " أخوات ميم ، النهلة توصد أزرقها " !
* سأكتب عن هذه التجربة المثيرة الضاجة في دنيا الناس بلمعان الجواهر وقيمتها ، نكتب لو أعطينا العمر !
* الصورة لمحمد الصادق الحاج !

ليست هناك تعليقات: