Powered By Blogger

الجمعة، أكتوبر 19، 2012

الحريق ... وأحلام البلابل !

                                                               * غلاف الديوان *
* " الحريق ... وأحلام البلابل "
     قصائد جيلي عبد الرحمن ...
     إلي شهداء الحركة الثورية في السودان ،
                                                      وفاء و إنحناء !


1.البحر ... والمنفي !
                       إلي الشهيد عبد المجيد شكاك .
-----------------------------------------------
وأعذروني ...
أن سئمت الكأس ،
والصرخة تنفي في قيود المجد،
من يرسف دوني !
فدنان الخمر ،
هذا البحر شرياني الذي ينزف في الغربة ،
أشباح جنوني
وتجاعيد التراب الجهم ...
في قيد سنيني
وأنحناءات الجبين !
ودعاء الأم يقظي خلف باب الفجر
تدعوني
وقلبي نقرته لقمة العيش المهين !
...   ...   ...
وأغفروا لي
إن رقصنا في خريف العمر ،
في ورد الذبول !
وإرتشفنا رائق " البيرة " من كفين
كالسحر الهيولي
وأراكم في البوادي
مثل أشباح صواد
وأستبحت الليل في عينين ،
في سجنين ...
صحراء تذر الرمل في البحر الجميل
وإستحالت جوقة السهرة ،
أنات صليل !
ياعزاري النشوة الخضراء ...
غاص الدفء ... من وجه القتيل .
...   ...   ...
وأتاني
كشراع البحر مفتون الأغاني
أينا العاجز في سجن الزمان ؟
أينا المفلول في بئر الهوان ؟
قم وعانق واحة الفرحة ،
بارك نبعها من أجلنا
وتخطر مثل نجم
في صحاري ليلنا
إن داء الحزن أرداك القفارا !
لن يسوقوا البحر للمنفي ،
وقاع الموج فينا
لن يجف الحب في القلب ،
دفينا
والمنافي ، اللعنة الغبراء
أشعلنا دياجيها ... نهارا
معبد العمر جليل
كيف تطويه إنتحارا ؟
أيها الخيام ...
آتون علي نبض الأغاني
شعرك الغجري رعاف المعاني
فأفتحي الأبواب ياخرطوم
زغردن يتامي ، وعذاري
" وأذكرونا مثل ذكرانا لكم "
نحن أسري الشعر ،
و" الدوبيت " ألقانا ... سكاري !
...   ...   ...
أصدقائي
مترع كوبي من ريح الصحاري
نحن دون الحب ،
دون العزم ...
أشباح حياري .
نحن منكم دفقة الخير وعرسا في الدماء
فأعذروني أصدقائي
إن رفعت الكأس في هذا المساء
لنسور ظامئات ...
جنحها المشبوب طارا
خلفت في العتمة المنفي
وسجن الكبرياء !

2. الفداء !
    إلي شهيد الطبقة العاملة الشفيع أحمد الشيخ .
---------------------------------------------

ينوء قلب الشاعر
إن كان دم الشفيع
تشربته الأزاهر
وا خجلتا للربيع !
...   ...   ...
في السهد ما انتحبت ، ما بكيت
حين ضم مأتم النهار بيت .
ما بكينا رهبة ، أو شفقة
لكن عينيك الكحيلتين
بالنور ، والنبيلتين
تسامتا ... كراية ممزقة
تقاوم السقوط في الوحول المطبقة !
أواه ، ما ركعت ،
ما انحنيت !
وعندما أعتدي المرتزقة
عليك قبل الموت
فأفتديت
مرتين  ...
ياشفيع الطبقة !
...   ...   ...
في ساحة الأعدام
كان الردي ينام
توسدت عظامه ،
عبير هذي الزنبقة !
...   ...   ...
أعمي دبيب الريح
تعوي ولا ضريح !
...   ...   ...
كان الضحي مناحة
عمال موسكو ... يزرعون الساحة
دقيقة من الحداد
رهيبة الأبعاد
صمت تشيب في صخوره الجرداء ،
أضلع الجلاد
كأنما من حقده الكظيم
جزء عنقه !
...   ...   ...
وأنت عبر كل هامة
متوج الجبين ... بالعمامة
حمامة  ... من فوقها حمامة
وتزدهي علي جبيني مطرقة !
المجد للمسيح
علي حبال مشنقة
فلتلعنن الريح
والجباه المطرقة !
إن أعولت في صمتها
تسربلت بموتها
ولم يضئ خطوها الضرير
رعد صاعقة !
                                       - 1971 -
* الصورة : الشفيع يؤدي القسم وزيرا للعمال في حكومة اكتوبر 1964م ، أمام سر الختم الخليفة رئيس الوزراء و عوض الله صالح رئيس القضاء !


3- الحريق وأحلام البلابل
    إلي الشهيد عبد الخالق محجوب ...
------------------------------------
1- رؤية ...
وأراكم عبر هامات الليالي
والمهانات ، المسافات الطوال
تحنتون الجدر الهدباء ... في صمت الظلال
صرختي أزت علي الجير ... شيوعي
                                  شيوعي
وأنا أعلم رجل العمق ، وعمق الدجل
كلمات نيئات في الخوان الثمل
وضمير السادة النقاء
ألوان المونيكير ... الربيعي
لا رتوش الآن ، فالحرف مفاصل
سيداتي ، سادتي
يبصق في وجه المخاتل
شاهدي الزور، وأشباه الرجال!
قدنسيت الهمس والأيحاء ،
أشكال التواصل
فلتنوموا في المواخير ...علي الفن الرفيع !
2- المنحني ...
أيه ياطلق المحيا ... والحجي
                       ها أنا أرسف في قاع السلاسل
والأفاعي مثل أنياب الدجي
                       تنفثالسم علي وجه السنابل !
هل مضي الصيف ؟ وقد لقنته
                      قصة الموت الذي قام يقاتل !
وخريف العمر يصفر علي
                    همهمات الريح ... في الحور الزوابل
عاود الروح أساها ، أطبقت
                      في جدار الصمت ، آلام المفاصل !
أيه هل عدت إلينا ... كالسني
                     حين أرعبت أراجيح المقاصل !
الجماهير أشرأبت والعنا
                     يستبيها الصوت ، والميدان حافل !
ياصباح الخير كم أوحشتنا !
                    يمساء الخير تشجيك المنازل !
...   ...   ...
لم يعد للنبع غير المنحني
                 أرهف القلب علي نبض المناجل !
ما المنايا ؟ أنها أقدارنا
               وأمتداد البحر ... أحضان السواحل !
لا ألوم الدمع أن هامت به
                    وحشة النخل ، وأحلام البلابل !
لا ألوم الليل ، والنجم هوي
                  يعتلي الفجر المتاريس الجنادل !
أيها الشاعر ضوأت المشاعل
                 فأنبثق ثأرا وصخرا ، وجداول !
3- من الطارق ؟
               عبد الخالق !
يا أيادي الله ... قالوا ضعت من غير سرادق !
أين أخفو زهرة الليمون ،
               والعطر ... حدائق ؟
نصبوا للموت أعواد المشانق !
ياحبيبي
      تدلف الفرحة من سجن الشرانق !
ورأيت القتلة ،
مثل فئران الخنادق !
وهدير المقصلة
          مثل أفراح البيارق !
كانت الخرطوم شعرا
يشعل الليل حرائق !
                            - 1971 -
---------------------------------------------------------------------------------
* جيلي عبد الرحمن ، من ديوان : " الحريق وأحلام البلابل " .



4- العريس وطحالب القاع !
      
                              * إلي الشهيد عبد الخالق محجوب
                                                                   مرة أخري ...
إنتظرناك علي الشوك طويلا
ولهثنا في حقول الغيط ،
سنطا ، ونخيلا
كنت تزهو في ذراع الثائر المهدي ،
سيفا
يحتسي المحروم منه ،
قطرات الشهد صيفا
كان سيفا ... أحمر الحد ، صقيلا
وعبابا من جماهير ...
تغني للنسائم !
كيف سال الحزن مهراقا
علي زغب الحمائم ؟
وارتعدنا ، وانتفضنا ،
حين أزمعت الرحيلا
...   ...   ...
خوذة الجندي ،
قيظ
مثل دبابة نار
تنفث الشمس لظاها
فوق أشلاء النهار
في بيوت القش
والطين
وأسفلت الشوارع
تفغر الظلمة فاها
والمتاريس ،
المدافع !
وأفتديناك ... أختفينا
وأحتفينا بالبنادق
وأدخرناك نشيدا ،
وشهيدا ،
وبيارق !
وأقتلعت الطحلب القاعي
والصمت ،
الجذورا !
وأمتشقت الراية الشماء
غضبانا ،
جسورا .
أيها المصلوب
والإنسان الخرافي ...يرود
ملحمات العصر
والأيام للدنيا وقود
القرابين تطوف
والمزامير ، الدفوف
ياعريس الغبش
والحزب
أمانيك القطوف !
...   ...   ...
قبضة السيف نعاس
هزها الشعب ، فقاما
في شغاف القلب وسدناك سهما  ،
ومساما
هل تري ريح الهبوب ؟
أم قناديل الغروب ،
أم ، مرايا الماء ،
تسقيهن بالورد الخضيب !
ذاك تموز الدافئ
مرة أخري يجئ
يارياح الشهداء
أقشعي الحزن القمئ !
...   ...   ...
شامخ الجبهة مزموم الشفة
في جدار الغرفة المرتجفة
أتملاك إذا ما الشوق يهطل
في دمائي ...
يختلي اليتم ، ويجفل
كأرتعاش الأرصفة
في العيون الواجفة !
...   ...   ...
أعولت ريح تسف
ذكريات لا تحف
أشهر دوت كطلقات ،
وأطياف ترف
يايناير
ياهزيج الشعب " يا أم الضفائر "
رحت ترنو
تبسم الشفتان
والدنيا بشائر !
...   ...   ...
لا تقولوا
أخطأ الحزب
وهاشم
لم يساوم !
غير أن الغفلة الكبري ،
وأشياء ... طلاسم !
لا تقولوا
يستحي القول الجميل
قطرة الدمع تقاوم
قطرة الدمع تقاوم !
...   ...   ...
يا أبي أنت ، وأمي
أتزيح اليوم ... همي ؟
ياعمادي
كيف يهوي مرة ... طود أشم !
في بلادي
كان ثوريا شيوعي القلم
أنه صخر أصم
والمنايا ... حينما العمر أرتطم !
خضت بحر الموت نسرا
يتهادي للقمم
عم مساءا
أوغل الليل
فنم !
...   ...   ...
وأنتظرناك علي الشوك المدمي
مثلما يشتاق في الظلمات أعمي !
ياعريس الشهداء
طفلك المطعون يوليو في السماء
صانك المجد  وحب الفقراء
وأفتداك الشعب ...
دوما !
------------------------------------------------------------------------------
* القصيدة هي الرابعة التي ضمتها المجموعة ، التي كرسها جيلي عبد الرحمن لشهداء الحزب الشيوعي والحركة الثورية العام 1971 ، إذ ضم الديوان خمس قصائد فقط ، وسبق أن نوهنا عند بداية نشرنا لها في هذا " الفيس المبجل " أنها قد طبعت بهذا الشكل الفقير ونشرت بجهد طلابي خالص في براغ ... ، وسننشر القصيدة الأخيرة " الملاك جوزيف " لاحقا !

5- المــــــــلاك جـــــــوزيف ...
                              
إلي الشهيد : جوزيف قرنق

مآذن المعز صامتة
والنيل كالضحايا ... في المياه الباهتة
من ذا أثار الخفق بالشوارع المسفلتة ؟
عصفورة العرايا ، والمرايا الميتة !
...   ...   ...
لم تحك لي عن رقصة الزنوج حول النار
ووحشة الأعشاش في مستنقع النهار
وعن ذوات الخرز ، الأصداف ، والأبقار
كيف أنتحبن كالرعود ... في هواطل الأمطار؟
حكيت لي عن عامل يبيع عرقه
ودودة تكتظ من خلايا الطبقة
و " جودة " السبايا ... في سجونها المختنقة
كأنني أراك ، في ذراك
قبل المشنقة !
...   ...   ...
واليوم نصطفيك في أعيادنا المخضبة
نهديك ما منحتنا بالعين ، بل ... والرقبة !
ورسمك المرسوم في قلوبنا ...
كالهضبة !
توسدت من حوله ...
أضلعنا الملتهبة !
...   ...   ...
صحائف المساء تنعي للوري الضحايا
و " جودة " السبايا ،
قد جاش في دمايا !
وإنهار فينا حائط ...
مزقنا شظنا
يازمن الطغاة ،
والأباة ،
والعرايا !
لطخت هذا المغرب المشجوج بالدماء
مشانقا نصبن في أروقة المساء !
وكيف مد خطوة ...
كالعاصف الشتاء
وأوثقوه بالسنا ،
والمسك  والحناء !
...   ...   ...
أدعوك ياجوزيف ،
عفو الآلهة
أن هام طيف بسمة ،
مشرقة و والهة
مولدنا العظيم في لاذراك الفارهة
ورفقة الخرطوم  ...
يحصبون أبرهة !
                                 - موسكو 6/10/1976 -
------------------------------------------------------------------------
* هذه هي القصيدة الخامسة / الأخيرة من ديوان " الحريق وأحلام البلابل " لجيلي عبد الرحمن ...
* قصدنا ، بنشرنا كل قصائد هذا الديوان " النادر " ، لشاعرنا الكبير الراحل جيلي عبد الرحمن ، أن نجعل هذه القصائد في التوثيق ، ومتاحة للقراء ، فقد كتبت في شهداء حركة 19 يوليو 1971 في السودان ، وهي المجذرة البشعة التي أقامها للشيوعيين الديكتاتور السفاح جعفر نميري ! نشرت الديوان في براغ رابطة الطلاب الشيوعيين السودانيين في أكتوبر 1986 لمناسبة الذكري الأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني !

ليست هناك تعليقات: