Powered By Blogger

الثلاثاء، فبراير 12، 2013

أعتمة في الشعر ؟





عتمات في الشعر ؟
لا ... ، ليس هناك مكان لها هنا ، فالمكان برمته للجمال . حيث القصيدة إندغام في مجهول ، يحفر بدأب ولا يتوقف قط ، في تجاويف الجسد ... لا يؤول عزلته الشعرية ، بل يكتبها ، يعيشها ، متنسما – بأريحية ونقاء يتعذر وصفهما – لجسد منخطف ، ومنخرط في ذات الوقت ، في هندسة إنخطافاته ، شأن ساحر نزاع إلي إبتكار معادلاته ، التي هي بين كينونته الشاعرة والكلام ، بين وداعة المراثي وقساوة الشذرات ... مستدعيا الإنصات العميق كحالة ضرورية جدا لمحاورة شعره ومجاورته ، قريبا من القلب ، مندغما في غرائبية الرؤيا ، شعره ذو الوجازة الملغزة ، المحيرة ، الغامضة ، لكنها ، " واضحة ، أو واضحة " علي قول درويش الحبيب ... أظنه حقا ما رأيته هنا ، ف " القبول يضئ الوجه / الرفض يزيده بهاء " ،
كما قال رينيه شار . إذن ، دعونا نكون فيه ، في غموضه الواضح ، في غرائبيته أيضا ، ولندع القصيدة تقول – وحدها – قولها فينا ، بلا أية إشتراطات !

ما قالته الشاعرة ...


-------------------
سألت الشاعرة الجميلة :
- ماذا وراء هذه الفواجع والأحزان تتلبس قصيدتك ، فساتينها سوداء ، أبيضها نفسه صار أسود ،
 والثلج أسود ، فضاءها نفسه ، صار أسود ، والرؤية سوداء سوداء ؟! .
بتنهيدة من تأسي لحالي ، قالت الجميلة الشاعرة :
هذا فضائي ، مخصوصي ، مداي المفتوح للتحليق العالي ، عاليا عاليا بلاحد ، أحلق ، وإذ أفعل أبقي علي مقربة من البئر ، لأنني أمقت المستنقع . أحفر هنا وهناك ، حيث وجود الفكر – أيا ما كان الفكر – هو وجودي ، معناه هو نفسه معناي ، وليس بحثي عنه سوي الترحيب ، الفرج النشوان ، بلذاذات تحليقي ... هون عليك صديقي، لا تخشي علي شيئا ما ، فليس صاحب الغابة السوداء داعية جنون ... هو أيضا صاحب الحياة ، وصاحب الإعصار ، حيث دليل المخيلة هو تحليقها نفسه ، عندي ، هو المبتغي ، ، هو شعرية الفكر / فكري ، هوشقه – بمعاولي كلها – للمجال الأكثر خطورة وغموضا ، الأكثر لذة أيضا علي ما هوكائن ... وهاجسي الأكثر وخزا هنا ، هو إنخراطي – كمن يحفر الصخر بالأظافر – رسم ملامح شعرية في الأساس ، شرطها الجواني الوحيد – إن كان ثمة شرط واحد لدي – أن لا تتطابق مع ماهو سائد ، لا شبيه لها ، ولا تتعالي ! أليس الفكري في جودة الشعري وتجلياته فيه ، مدمرا ومحطما للراهنية و" المباشرية " السائدة ؟ هكذا ... هكذا صديقي ، أري الفكر ، فكري علي وجهالتحديد ، و ... شعري ، حاثا ومحرضا علي الشعر ، محرقا للرؤي المألوفة في العيون الخاملة ، يكْوِن نسغه وقلقه علي نسق تجلياته نفسها ... تلك كتابتي ، مسارب ومجاري أخري مغايرة ، تهجس وتشئ للذي يجري في الأوردة ، في دمي الحار مع الكلمات ، خارجة مني إلي هناك ، من أزمنة طوقها عنف الدال ، وقبحه السائد ، ورتابة تتابع الكتابة ! هكذا وجدتني ، وجدت نفسي كائنة بملامح أنثي ، تقول نفسها في الشعر ، فنفسها شعرية أيضا ، كائنة فيها ... سامحني إذن ، أن رأيتني لا أشبهك ، تلك ملامح شعريتي الكائنة في ، كينونتي التي في الشعر ، شعري هو وجهي ياصديقي !
سكتت ... نظرت إليها ، بدهشة من يتأمل كائنها الشعري الجميل ، و ... كونها ، و فجأة – كمن رأي فردوسها وهو فيه – رحت أغنيه ، كائنها الشعري البهيج ، و ... أطرب !
-----------------------------------------------------------------------
* الحوار متخيل ، لكنهن ، زحمن إلي مخيلتي ورؤياي بأشعارهن الفاتنات ...

الأحد، فبراير 10، 2013

جســــــــــديات ...



فوق جسدك الشهي
أرسم خارطة لوعيك
للتفكرات في الجسد الأنيق ،
حلقة مجسدة أيضا
ذات إيقاع .
أبدأ معها من القاع
ثم أصعد ...
أصعد حتي دوالي العنب
ومذاق السكر
ستجدينه حاضرا هنا ،
في الجسد
الإيقاع ناصعا / بهيا ،
إيقاع الجسد !

   ليس الجسد  غرفة ولا سقفا ، أنه نافذة ، طبيعة ملتاعة ، هجرة في الدواخل الحميمة ، وفي ذات الجسد ، هجرة إلي حيث اآخر ، بعيدا عن الرهانية ، وبعيدا عن " الصفقات " . يكون الجسد أحيانا خارج عنوانه ، لكنه يظل مزهوا بذاته ، وهو الثيمة العظمي ، بالغة الثراء والموجدة ، في الحوار السري بين الإنسان المعافي وعوالمه ، وبين الإنسان نفسه والوجود والألوهة ... هو مع ، وهو أيضا ضد ، وهو المغايرة ، لكنه في الذات التي هي ذاته نفسها ، هو نفسه ، وقد أضحي بفضل المنورين العظام ، غاية أحيانا وسلما لبلوغ الأعالي ! هو إذن محسوب علي ما يأتي ويسقط علي الراهن ، راهننا في علاقاته المتنوعة / المعقدة ، يكون هو ما ينبثق ، ما لا يسكن بعد الآن ، تلك البرهة من قصيدة الجسد لها ، أيضا ، في الرقص حالات ، حالات الجسد نفسه وأطواره وتجلياته .
" كل روح ظهر في جسم ، هو ناري أو نوري " ، هكذا رأه أبن عربي ، هو يراوح بينهما ، بين النار وبين النور ، ياااااه ، كدت أقول إنه سماوي هذا الجسد المبجل !  لكن ، علي التأكيد أقول ، ليس هنالك من جسد غير قابل لأن يكون موضوع تفكير ، بل قصدية الموضوع - موضوع الجسد أعني - تصبح هي نفسها جوهر التفكير ، ولا من تقصير في حقه هنا ، سوي من جهته التوحيدية أو النرجسية . لا ، ليس وهما أن نعمل التفكير في الجسد ، ونسعي نتأمل أشراطه ... ولربما ، إذا أحسنا سيرنا صوبه ، أن بلغ الأساس من الفكرة نفسها ، فكرته عن ذاته وعن ذاتنا ، حيث نندغم / نندلق ، في تخوم ونواحي الجسد كلها ... هذا المدي ، هذا الأفق في شساعته البهية ، مفتوح أمام الساعين ليل نهار ، أولئك المنورين البواسل ، عشاقه العظام ... فلنكن دائما علي مقربة من البئر ، لا المستنقع ، أحفر هنا ، حيث وجود الفكر هو وجودك ، ومعناه البادي هو معناك بالذات ، ونأمل - وفقا لذلك - أن نكون في تأمل الجسد . نتكلم عنه في وجوده الراهن ، وفي مستقبلة الآتي المضئ .
أما أنتم : أيها ا
                                                     - بلعيد وبسمة : ضوءان في النفق العربي -
أرهم في يديك الحجر ...إلي شهيد الفكر والرؤيا : شاكر بلعيد ، في عليائه الجميل !
---------------------------------------------------------
التضاريس ليست بهاء تلبسها الأرض
والأرض ليست فضاء ، وتوقا ،
يهم بها كل من لبس الجبة المستواة
وليست جحيما ،
لكل ما زوال من الناس ، يأتي ويمضي .
وليست من القمح
تعطي لكي تتلاقح في كفك الثانية ،
قصعة الخمر ،
والصحب والمشرفين كما تشتهي
ليست إناء
كيف تمضي وقد أرخوا الموت لك ؟
كيف ،
وقد دانت إليك المحافل ،
وصاحت إليك البلاد :
ما أجملك ؟
قد أحزنتك المراثي ،
أعرف ...
وقد جربتك " الخوابير " مغروسة تحت من
ظلهم ليس يمحي .
وقد خبرتك المقادير ، آتية ، ذاهبة
ليس بينك بين المقادير خوف ،
ولا قصبة من رجاء
علمتنا المقادير شيئا ، كما علمتنا
المتاريس :
لا تنحني للمقادير ،
لا تنحني للمتاريس ، لا تنحني
وأمض ، لونك مختلط بالدم في اللوح
يرقش فساتين الصبايا الجميلات
لونك من صبغة الثائرين
ومن صبغة الخارجين من الله ،
والداخلين إليه ،
طوالا ، لواحدهم من حجر
قد يقوم له الله أو ينحني
لا تنحني الآن ، قوم أقاموا الصلاة ،
وقوم غفوا
لا تنحني الآن قم ، فمثلك قاموا ،
أقاموا من الليل ثلثا ، رأوا ربهم
لم يصلوا ...
...   ...   ...
وأنت يا بسمة *،
تموتين !
ما تعرفين لك الآن من لوثة تقبلين بها
إلي من له الوجد والحب .
ما تعرفين من الشوق ينمو
فيقترب العشب ،
والعشبة الفارهة
في لسعة للجسد .
كيف تموتين والموت تفاحة أكلوها من
النفر الأقدمين ،
وأنت من النفر الأكرمين
كيف تموتين ؟
والنجم يستوقف السفر مازال
والقمر الدائري سوار علي معصمك
وأنت إله يرجي مماتا من سجد !
-----------------------------------
* الأستاذة بسمة خلفاوي زوجة الشهيد بلعيد ...
  وقد نزلت إلي شارع بورقيبة ، تقود التظاهرة الكبيرة في الشعب ، تدين القتل والقتلة !

الأربعاء، فبراير 06، 2013

سعدي يوسف ، ماذا دهاك ؟

                                                                 - سعدي يوسف -
كنت قد كتبت مقالا في هذه " المدونة " من قبل عن سقطات سعدي ، ثم نشرته علي صفحتي في " الفيسبوك " ، فكان هناك من لاموني علي عتابي وكشفي لسقطات الشاعر الكبير ، فعلوا ذلك لفرط محبتهم لسعدي ، وأنا نفسي كنت كثيرا جدا أحبه ، وحتي يوم الناس هذا ، في قلبي شيئا من حب لسعدي لا أنكره ، لكنني ، علي التأكيد ، أدين مواقفه الراهنة التي ألبسها لبوسا ونصال ضد الثورة والديمقراطية ... هذا المقال أيضا ، يكشف – عبر قصيدته نفسها – كيف يستمر تدحرج الشاعر الكبير إلي المستنقع الآسن للمتأسلمين وللإرهاب ، وبسفور جارح مقزز ، تماما كما فعل الشاعر الكبير أزرا باوند أستاذ ت . س . أليوت في الشعر والأكاديميات ... هل هذا زمان يطال فيه التغيير الشعراء أيضا ؟
-----------------------------------------------------------------------------------
سعدي يوسف ، ماذا دهــــــــــاك ؟
                                             * محسن شوكت *
                                             نقلا عن مجلة سطور ...


 

منذ اكثر من اربعين عاما وانا أتابع سعدي يوسف . أتابعه شعريا يوما بيوم واتلقف كل كلمة تصدر منه . وانظر الى كل كلمة بمثابة وثيقة وموقف . قبل مدة كتبت له راجيا ان لا يصمت ابدا . ان لا يتوقف عن الشعر لحظة واحدة , ان يقول الشعر حتى وهو نائم . كتبت له اننا نريد تسجيل انفاسه . فحتى انفاس سعدي يوسف هي شعر ...
غير اني فوجئت هذا الصباح بنص له بلبلني . اربكني ووقفت حائرا ازاءه . وضعني هذا النص امام حالة من الاضطراب لا عهد لي بها . كان النص اشبه بعبوة ناسفة انفجرت في وجهي . جرني النص بالتدريج الى مراجعة سعدي يوسف ومواقفه من عملية التغيير التي جرت في العراق . كان النص هو الانفجار الاكبر لهذه المواقف .
وجدت تطابقا غريبا بين النص واللغة التي يستعملها الارهابيون من التنظيمات الجهادية والسلفية في نعت خصومهم .
بدا النص وكأنه تصريح لواحدة من تلك التنظيمات المسلحة . بحيث اننا لو رفعنا اسم سعدي ووضعا بدله اسما لواحدة من تلك التنظيمات لبدا الامر عاديا جدا ولا يحدث اية غرابة . لغة النص يمكن العثور عليها بسهولة في تعليقات الملثمين ( غالبا أعضاء في منظمة القاعدة او رجال مخابرات سابقين ) في مواقع الانترنت والتي تتمحور على استخدام اكبر مخزون من الشتائم والطعن وتسقيط الخصوم وبث الاشاعات واثارة الغرائز العدوانية والكراهية المفرطة . ويكاد يكون غشاء البكارة هو القاسم المشترك لجميع هذه التعلقات , حيث تهمة الأغتصاب هي اول ما يلصق بالخصوم .
( الفلّوجةُ تنهضُ - سعدي يوسف -
الأميريكيّون
والبيشمركه المرتزقون
وعصاباتُ إياد علاّوي
هم مَنْ سـمّى الفلّوجةَ ، هيروشيما ...
هم مَن سمّمَ أرحامَ بناتِ الفلّوجةِ
باليورانيومِ
وبالفوسفورِ الأبيضِ ..
هم مَن جاؤوا ، الآنَ ، لينتقموا من إسمِ الفلّوجةِ .
جاؤوا باسمِ السيستانيّ :
أوّلِ مَن أفتى ، في الإسلامِ ، بِـنُصرةِ محتلٍّ كافرْ
السيستانيُّ الكافرْ
أوّلُ مَن أفتى في الإسلامِ ، بنُصرةِ جيشٍ كافرْ
السيستانيُّ الفاجرْ
مأواهُ جهنّمُ
بِئس مقّرٍّ ..
لكنّ الفلّوجةَ تنهضُ
إنّ عراقاً عربيّاً ينهضُ ..
إني أنهضُ !
لندن 29.01.2013 )

العدوانية المفرطة هي جوهر هذا النص . اذا كنت اعذر الملثمين على هذه العدوانية لأنهم يحتاجون اليها في عملهم . فكيف افهمها حين تصدر من سعدي يوسف ؟ سعدي يوسف هو ثوري وليس عدواني. فمن اين تسربت اليه هذه العدوانية ؟
ماذا يجري ؟
كيف يتسنى له وصف السيد علي السيستاني بالفاجر ؟
ماذا دهاك ياسعدي ؟
(الفاجر) هذا , يا سعدي , هو مرجع روحي لعشرات الملايين من العراقيين والايرانيين والافغان والعرب وغيرهم . وبقوة هذه الزعامة فقد منع هذا ( الفاجر ) حربا اهلية كادت تندلع عام 2006 . أمر بضبط النفس بعد نسف ضريح الامام العسكري و أصدر فتواه بحرمة قتل العراقيين على الهوية .
تختلف زعامة السيستاني كليا عن الزعامات الاخرى , بكونها سلمية مئة بالمئة , طوعية ولا يقف وراءها مسلح واحد .و بقوة هذه الزعامة فقد أفتى السيد السيستاني بوجوب الذهاب الى صناديق الاقتراع
الا تروق لك صناديق الاقتراع يا سعدي ؟
هل لديك طريقا افضل لحل مسألة الحكم في العراق ؟
. لقد وضع السيستاني صناديق الاقتراع بمنزلة الفريضة الدينية , وهذا لوحده يجعله في مقام رفيع ووضع استثنائي متفرد يخرجه من دائرة الحوزة الدينية التقليدية و الضيقة ليضعه في مصاف كبار الدعاة الى النظام الديقراطي قولا وفعلا . هذا هو( الفجور) الاكبر الذي ارتكبه السيد علي السيستاني .
اذا كنت يا سعدي لا تؤمن بصناديق الاقتراع فسيكون كل ما تقوله عن السيستاني مفهوما ولا يدعو للا ستغراب . ويصبح نصك منسجما تماما ومتطابقا مع نفسه .
أنا لست متدينا ولا يخطر الله في بالي كثيرا . أنا اعبد صناديق الاقتراع يا سعدي . أرى فيها حلا ومبزلا لكل السيانات القادمة والمرافقة للصراع على الحكم في العراق . من هذه الزاوية أدافع عن السيستاني .
اما حكاية ( نصرة المحتل الكافر ) فنحن لم نتفق عليها بعد يا سعدي , لا على مستوى الافراد ولا على مستوى الجماعات . لم نتفق كعراقيين حتى الآن ان كان الامريكي محتل ام محرر . هناك انقسام ياسعدي ينبغي ان لا تغمض عينيك عنه . وحتى لو ترددت كلمة محتل مليون مرة في الدقيقة الواحدة ( وحتى لو رددها الامريكان انفسهم ) فان ذلك لا يلغي التاريخ الذي مازال حيا ورطبا . الامريكان محررين ( على الاقل بالنسبة ل 80 بالمئة من العراقيين ) . حررونا من صدام وطغمته تماما مثلما حرر الناتو الليبيين من القذافي . وكان من الواجب الوقوف معهم ( نصرتهم ) وتقديم الشكر لهم بكل الصور المتاحة .
اسمح لي ان اخبرك بشئ لا يعجبك , هو انني حتى هذه اللحظة استخدم كلمة محرر ولم استعمل كلمة (محتل ) على الاطلاق . واستخدم تعبير تحرير العراق بدل سقوط بغداد .
اي محتل يا سعدي ؟ لقد ازاح الجيش الامريكي صدام ومعه كل الضباع و الوحوش الضارية : وطبان وبرزان وعلي كيمياوي وسبعاوي وعدي وقصي وعواد البندر وعبد حمود وووووو مع كافة أجهزة القتل والذعر التي دفعتنا ( أنت وانا وملايين العراقيين ) الى الهرب واللجوء للمنافي . لقد ازاح الجييش الامريكي كل هذا ووضع بدله صناديق الاقتراع ولكي يحمي هذه الصناديق كان عليه ان يمكث بعض الوقت حتى يسلم المهمة للعراقيين . مكث ليؤسس لنا جيشا قادرا على حماية صناديق الاقتراع وحين بدا ان الجيش العراقي الجديد قادرا على اداء هذه المهمة رحل الجنود الامريكان وسلمونا ثكناتهم ( ولو انني شخصيا كنت اود بقاءهم مدة اطول حتى يطمئن قلبي تماما ) .
ما تبقى هو شئ يخصنا نحن العراقيين . ما يدور من خراب وطحن مدين في الكثير من اجزائه الى طبيعتنا و نسيجنا المتهتك . انها قصة اخرى طويلة وقديمة وهي اقدم من امريكا وجيشها . واذا تواضعت يوما وقبلت ان احكيها لك فسوف لن اقصر .
ثم ماحكاية الكافر يا سعدي ؟ . منذ متى وانت تستخدم مثل هذه المفردات . ؟ كيف تسربت اليك لغة كتائب ثورة العشرين وجيش محمد والحزب الاسلامي والنقشبندية وتنطيم القاعدة في بلاد الرافدين .
. لقد كانت هذه المفردات تستخدم لتبرير قتل الشيوعيون و سحلهم في الشوارع . أين ذاكرتك البديعة يا ابا حيدر ؟. لقد سجلتها لنا بحروف من ذهب وحفظناها مثل الأغاني . الا تتذكر تنظيمات الحرس القومي في الكرخ والفلوجة والرمادي والاعظمية والموصل ؟ أنها نفس المدن المتمردة الآن , وهي نفس المدن التي اعدمت الزعيم عبد الكريم وبصقت بوجهه. كلما اراد التاريخ ان يتبدل و يتقدم الى الامام يخرج الاقوياء في هذه المدن ليوقفوه . هذه المدن يا سعدي يسيطر عليها الاقوياء والمسلحين ألآن ؟ اضيف اليهم صنف جديد اسمه الذباحون . لا مكان لك فيها يا سعدي . لن تعثر على قارئ لك هناك ...
. كيف تنهض الفلوجة وهي مليئة بالمسلحين ؟
كيف تنهض وهي محتلة من قبل السلفيين والجهاديين ؟ كيف تنهض وهي خالية من الشعراء والمغنين والرسامين والمسرحيين والكتب والمعارض التشكيلية والبارات والنوادي الاجتماعية والمسارح ؟. كل هذا اصبح غير ممكنا بعد ان سيطر الارهابيون على المدينة . وبدل غونتر غراس سوف تستقبل الفلوجة بعد ايام يوسف القرضاوي كأول زائر محتمل لهذه المدينة بعد (تحريرها ). بالمناسبة ما هو رأيك بالقرضاوي ؟ ماهو رأيك لو ذهبت الى الفلوجة والقيت قصيدتك في حضرته ؟
سوف اسألك سؤال من نوع (من يربح المليون ) وبأمكانك الاتصال بصديق اذا كنت لا تعرف الاجابة
من سيدفع تكاليف سفر القرضاوي (تذكرة الطائرة التي ستقله الى اربيل ثم برا الى الفلوجة )
1- قطر
2- السعودية
3- تركيا
4- البارزاني
ما ذا سأفعل بميراثك العظيم ؟ اين أضع هذا النص . اين احشره ؟ كيف سأدافع عنك يا سعدي .؟ ايها القطب الشعري . كيف سأدافع عنك امام الحقيقة العارية ؟ امام حفلات الدم اليومية والذعر المتراكم . امام تطاير الاشلاء الذي لم يعد يعني احد بعد ان تحول الى ضجر يومي .
امام كل عبوة انفجرت وتلك التي لم تنفجر وتلك التي تنتظر الانفجار ؟.
كيف سألقي قصائدك التي حفظتها طوال تلك السنين في مدينة الحلة التي اعطت في يوم واحد مئتي ضحية جلهم من بائعي الخضار.؟
كيف سأدافع عنك في سوق الصدرية الذي نسف اربعة مرات ؟
وسوق الشعب وكنيسة النجاة وعرس الدجيل وامام فريق التايكواندو للناشئين ؟
ومئات الكيات ( مفردها كية وهي باص صغيرة سعة 11راكب ) المفرغة من راكبيها في طريق الموت بين الدورة و المسيب .؟ كيف سأدافع عنك في طريق النخيب والمدائن وتلعفر وطوزخرماتو
. كيف سأدافع عنك في جسر الأئمة حيث غرق 1000 عراقي في ساعة واحدة بسبب الذعر ؟.
القائمة طويلة ومفتوحة يا سعدي . والقائمون على هذه الحفلات هم الذين يقودون الآن مظاهرات الغربية .
ماذا دهاك يا سعدي ؟
هل وصل بك الامر انك لم تعد تميز بين القاتل والقتيل ؟
- هولندا- 31- كانون الثاني -2013