- حلمي سالم -
حلمي سالم ، في
ذكراه الأولي ...
( 1951 – 2012 )
---------------------
في مثل هذا اليوم ، يوم السبت 28/7/2012 رحل عنا الشاعر المصري الكبير حلمي سالم ،
أحد أبرز وألمع شعراء السبعينيات في مصر والعالم العربي . غزير الأنتاج الشعري ، قصيدته
ذات جنوح وجموع وأختراق حاد للسائد والمألوف ، مغايرة حد التطرف والبريق ، نصه الشعري مسودات صارخة وعالقة – بتشبث حاد – بجسد فنيات قصيدته نفسها ، قصيدته التي لا تشبه غيرها ولا علي منوال معروف . منذ ديوانه الأول " الغربة والأنتظار " في مطلع سبعينيات القرن الماضي ، أبدع سالم أكثر من ثمانية عشر ديوانا ، جرب كثيرا فيها ،
ثم جعلها مسرحا بيرا بهيا لمشروعه الشعري ولرؤياه الفنية للقصيدة . عاش حياة مليئة بالتفرد والجراح والتمرد وتكسير القواعد الثابتة ومشاكسة حراس القديم ، ظل متصالحا مع رؤاه وفكره التقدمي المستنير ، مدافعا عنه بجسارة تحدي بها خصوم التقدم والثورة ...
كان فرحا بثورة 25 يناير التي طالما بشر بها وتغني بها . لربما – رغم مرضه الذي داهمه في القلب والرئة – لم يشأ أن يرحل دون أن يقدم " هديته " للشعب والثورة ، فصدر ديوانه البديع " أرفع رأسك عاليا أخي " . وإبان مرضه ، كان قد أصدر : " مدائح لجلطة المخ "
و " معجزة التنفس " ، وفيهما يمتدح الموت والحياة معا ، الموت الذي في رفقة الحياة .
كان يكتب وتتسرب دفقات الوجع منه فتزهر وتزهو في قصيدته ، مثلما ورودا تتفتح وتنثر عطرها في بهاء الشعر :
( أتي عوادون من جلطة المخ
ويأتي عازفو بيانو من عجز كليتي
ويأتي لاعبو كمنجة من ارتفاع الضغط
وفي أطراف الأصابع شارات الخسارة ،
أما أنا فمهمتي كانت
تجميع الآلات والرئات
علي كاهل المصابين
كل رئة ورئتها النازفة
وأهتف :
يعيش انسجام الكسيرين ! ) ...
( 1951 – 2012 )
---------------------
في مثل هذا اليوم ، يوم السبت 28/7/2012 رحل عنا الشاعر المصري الكبير حلمي سالم ،
أحد أبرز وألمع شعراء السبعينيات في مصر والعالم العربي . غزير الأنتاج الشعري ، قصيدته
ذات جنوح وجموع وأختراق حاد للسائد والمألوف ، مغايرة حد التطرف والبريق ، نصه الشعري مسودات صارخة وعالقة – بتشبث حاد – بجسد فنيات قصيدته نفسها ، قصيدته التي لا تشبه غيرها ولا علي منوال معروف . منذ ديوانه الأول " الغربة والأنتظار " في مطلع سبعينيات القرن الماضي ، أبدع سالم أكثر من ثمانية عشر ديوانا ، جرب كثيرا فيها ،
ثم جعلها مسرحا بيرا بهيا لمشروعه الشعري ولرؤياه الفنية للقصيدة . عاش حياة مليئة بالتفرد والجراح والتمرد وتكسير القواعد الثابتة ومشاكسة حراس القديم ، ظل متصالحا مع رؤاه وفكره التقدمي المستنير ، مدافعا عنه بجسارة تحدي بها خصوم التقدم والثورة ...
كان فرحا بثورة 25 يناير التي طالما بشر بها وتغني بها . لربما – رغم مرضه الذي داهمه في القلب والرئة – لم يشأ أن يرحل دون أن يقدم " هديته " للشعب والثورة ، فصدر ديوانه البديع " أرفع رأسك عاليا أخي " . وإبان مرضه ، كان قد أصدر : " مدائح لجلطة المخ "
و " معجزة التنفس " ، وفيهما يمتدح الموت والحياة معا ، الموت الذي في رفقة الحياة .
كان يكتب وتتسرب دفقات الوجع منه فتزهر وتزهو في قصيدته ، مثلما ورودا تتفتح وتنثر عطرها في بهاء الشعر :
( أتي عوادون من جلطة المخ
ويأتي عازفو بيانو من عجز كليتي
ويأتي لاعبو كمنجة من ارتفاع الضغط
وفي أطراف الأصابع شارات الخسارة ،
أما أنا فمهمتي كانت
تجميع الآلات والرئات
علي كاهل المصابين
كل رئة ورئتها النازفة
وأهتف :
يعيش انسجام الكسيرين ! ) ...
ونحن في ذكراه ، نقرأ معا قصيدته
" أغنية الميدان " ، كانت فرحا بالثورة ، فرحا طلع من قلبه لأجل مصر
الثورة ، لأجل الغد الآتي الجميل ويراه ، حلمي سالم : سلااااااام !
أغنية الميدان
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
الضارب في جذر الماضي, والعصري
خالق أديان المعمورة, مكتشف الهندسة, ومبتكر الري
صاحب درس التحنيط, ومبتدئ الرقص,
وخلاط القدسية بالبشري
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
الصامت صبرا لا إذعانا,
بل تطويل للحبل الشانق كل بغي
لا جرت على جار, لا لوثت مياه النيل, ولا أنكرت نبي
أنت موحد شطرين,
وواصل شطين
وجامع أشلاء فتاك على دلتا النهرين,
ونساج الظلمة بالضي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
المبدع أن الدين لرب الأديان,
وأن الوطن مشاع للناس سويا بسوي
المانع عن بابك أمواج غزاة
فرسا, هكسوسا, أتراكا,
وفرنجة أوروبا, والصهيوني
أنت الواحد في الكل,
وأنت الكل المتلخص في الواحد,
فرد جمعي أو جمع فردي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
زعموا أنك خناع, قناع
فكنست الزعم بمعجزة في الرفض الجذري
تمشي من عصر الشهداء الأقدم,
حتى عصر الشهداء الأحدث
كل شهيد قديس وولي
تعويذة أهل العرب,
وإلهام الشرق,
وقنديل الزمن الجي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
كريم العنصر مضفورا في العنصر,
فكنيس بالمسجد. كهان بشيوخ.
راهبة بالمقرئ, ونسيج وطني
علمت الدنيا أن العسكر ليسوا خصما للصبية,
بل قطع من لحم الصبيان الحي
أنت حكيم القرية, وبتول المدن, رسول حضارات,
شيخ وفتي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
أنت الذروة, وعلو, والعلياء,
وأنت العمق, القاع الغائص, والتحتي
أنت رقيق, راق, رقاق, ورقي
الضارب في جذر الماضي, والعصري
ارفع رأسك عالية, أنت المصري !
الضارب في جذر الماضي, والعصري
خالق أديان المعمورة, مكتشف الهندسة, ومبتكر الري
صاحب درس التحنيط, ومبتدئ الرقص,
وخلاط القدسية بالبشري
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
الصامت صبرا لا إذعانا,
بل تطويل للحبل الشانق كل بغي
لا جرت على جار, لا لوثت مياه النيل, ولا أنكرت نبي
أنت موحد شطرين,
وواصل شطين
وجامع أشلاء فتاك على دلتا النهرين,
ونساج الظلمة بالضي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
المبدع أن الدين لرب الأديان,
وأن الوطن مشاع للناس سويا بسوي
المانع عن بابك أمواج غزاة
فرسا, هكسوسا, أتراكا,
وفرنجة أوروبا, والصهيوني
أنت الواحد في الكل,
وأنت الكل المتلخص في الواحد,
فرد جمعي أو جمع فردي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
زعموا أنك خناع, قناع
فكنست الزعم بمعجزة في الرفض الجذري
تمشي من عصر الشهداء الأقدم,
حتى عصر الشهداء الأحدث
كل شهيد قديس وولي
تعويذة أهل العرب,
وإلهام الشرق,
وقنديل الزمن الجي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
كريم العنصر مضفورا في العنصر,
فكنيس بالمسجد. كهان بشيوخ.
راهبة بالمقرئ, ونسيج وطني
علمت الدنيا أن العسكر ليسوا خصما للصبية,
بل قطع من لحم الصبيان الحي
أنت حكيم القرية, وبتول المدن, رسول حضارات,
شيخ وفتي
ارفع رأسك عالية, أنت المصري
أنت الذروة, وعلو, والعلياء,
وأنت العمق, القاع الغائص, والتحتي
أنت رقيق, راق, رقاق, ورقي
الضارب في جذر الماضي, والعصري
ارفع رأسك عالية, أنت المصري !