Powered By Blogger

الأحد، مايو 06، 2012

حنا مينه ، ... أينك !

                                                              - حنا مينه -   

----------------------
  كلما أشتد عصف الثورة السورية وجاء ذكرها تحلق مخيلتي عاليا و ... تذهب إلي اللاذقية ، حيث ولد حنا فيها في التاسع من أذار 1924 إذ يبلغ الآن عمره الخصيب 78 عاما !
وكانت بعض الصحف الرسمية السورية قد نشرت في وقت سابق وصية كتبت بخط يد " حنا مينا " تضمنت بعض طلبات الكاتب بعد رحيله ، كان أبرزها أن لا يشاع خبر وفاته في وسائل الإعلام وأن لا يتم حفل تأبين له بعد رحيله ..

 وقال " حنا مينا " في بداية وصيته قائلا : " أكتب وصيتي وأنا بكامل قواي العقلية وقد عمرت طويلا حتى صرت أخشى ألا أموت مع يقيني بأن لكل أجل كتاب "

وتحدث مينا عن حياته التي وصفها بأنها كانت سعيدة جدا  ، مؤكدا أنه ولد منذورا للشقاء وأنه حاربه وانتصر عليه ...ا

وشدد في الوصية على عدم ذكر نبأ وفاته في أي وسيلة إعلامية مقروءة كانت أو مسموعة معتبرا نفسه عاش بسيطا وراغبا أن يموت بسيطا ، وقال مينا : " ليس لي أهلي ، لأن أهلي جميعا لم يعرفوا من أنا في حياتي وهذا أفضل لذلك ليس من الإنصاف أن يتحسروا علي عندما يعرفونني بعد مغادرة هذه الفانية "

ووصف مينا بأن ما فعله في حياته هو معروف وهو أداء واجبه تجاه وطنه وشعبه مكرسا كلماته لأجل هدف واحد هو نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين .

واعتذر مينا من أقربائه وأصدقائه لطلبه بان يدعوا نعشه ليحمله أربعة أشخاص مأجورين من دائرة دفن الموتى ليهال عليه التراب في أي قبر متاح منهيا بذلك الحفل ، وطلب منهم عدم البكاء والحزن و ارتداء اللون الأسود !

وشدد مينا قائلا في نص الوصية : " أشدد لا حفلة تأبين، فالذي سيقال بعد موتي، سمعته في حياتي، وهذه التأبين، وكما جرت العادات، منكرة، منفّرة، مسيئة إلي، استغيث بكم جميعاً، أن تريحوا عظامي منها."

وعن ممتلكاته في مدينة دمشق واللاذقية أعطى مينا حق التصرف بها لمن " يدعون بأنهم أهلي " مشددا على منزله في اللاذقية ليكون لزوجته " مريم " ‏!

والكاتب " حنا مينا " من مواليد مدينة اللاذقية عام 1924 حيث عاش طفولته في حي " المستنقع " احدى قري لواء اسكندرون قبل أن يعود مع عائلته الى اللاذقية حيث عمل في عدة مهن منها كبحار على المراكب .

ومن أهم أعماله الأدبية "المصابيح الزرق" و"الشراع والعاصفة" و"الياطر" و"الأبنوسة البيضاء" و"حكاية بحار" و"نهاية رجل شجاع .
أشهر رواياته: "المصابيح الزرق"، خط فيها الأسس الواقعية للرواية السورية وقد أثارت جدلاً عن عدائه لنظرية الفن للفن وتأكيد التزامه السياسي. له روايات عديدة منها: "الشراع والعاصفة، الياطر، الشمس في يوم غائم، بقايا صور، حكاية بحار، المرصد، الربيع والخريف، المستنقع وغيرها". كما أصدر عدة مؤلفات منها "هواجس في التجربة الروائية، أدب الحرب، ناظم حكمت ثائراً".
حنا مينة من رواد البحر في الأدب العربي حيث أعطى كثيراً من الاهتمام لقصة الارادة البشرية في انتصارها على الطبيعة القاسية بالإضافة إلى المغامرة لكن بدرجة إنسانية عذبة تغري بالسفر لكنها لا يشغلها الانتقام أو الذل أو الغرق في مستنقعات التفاهة. مينة روائي مغامر بعين المحب البصير يتطلع في خبرة تحمل أسى العمر نحو سماوات مشرقة من تاريخ الأدب وروح الرواية التي تحمل الأمل في النفس رغم مفاجآت الواقع!

ويعد حنا ، أحد أجمل الروائيين العرب وأكثرهم إلتزاما بصف الفقراء والكادحين و .... بالثورة ، يساريا تقدميا من طراز فريد ، لم يبارح وطنه أبدا إلا حين ذهب للصين في منصف الستينيات من القرن الماضي ليكتب عنها ثلاثيته الضخمة البديعة : ( حديث في بيتاخو / عروس الموجة السوداء / المغامرة السوداء ) ، عملا أدبيا كبيرا لم يسبقه إليه أحد في الكاتبين العرب ، كأنها الأمتداد لما كتبته الروائية الامريكية " بيرل باك " حول الصين في روايتها " الأرض الطيبة " !
حنا مينا ، وسط هذا " الجحيم " السوري المجنون ، وأنهار الدم تملأ شوارع المدن و ... ملامح الناس ، أين أنت الآن ياحبيبنا ، الإنسان الرائع والكاتب الروائي الكبير ... أتطلع ، بشغف يملأ قلبي ، أن أعرف عنك خبرا ... !
                                                    

ليست هناك تعليقات: