Powered By Blogger

الخميس، سبتمبر 27، 2018

عاطف خيري ومحسن خالد، لم يكونوا أبدا في مهارب المبدعين!







عاطف خيري ومحسن خالد، لم يكونوا أبدا في مهارب المبدعين!
* تعقيبا علي مقال سيد أحمد إبراهيم.
------------------------
( أعرف الآلهة
  تلك النصوص التي
  يصبونها في رؤانا
  كما الزئبق المستثار
  كأن النهار هو الليل،
  هل نحن فلك تائهة؟!)...
                      - قاسم حداد -


في الملف الثقافي لصحيفة ( الميدان )، الخميس 30 أغسطس 2018م بالعدد
( 3447 )، نشر الأستاذ سيد أحمد إبراهيم مقالا بعنوان (المبدع السوداني، بين الهروب والهروب المصادم)، تناول فيه، إستنادا، علي ما أظن، إلي بعضا مما أورده النور حمد في كتابه ( مهارب المبدعين، قراءة في السير والنصوص السودانية). النور قال قوله كله تقريبا في وجهة رأها عند بعض مبدعي الجزء الشمالي من سودان وادي النيل، تمظهرت لدي محمد سعيد العباسي ( 1880م-1963م )، والشاعر الناصر قريب الله( 1918م-1953م)، الذين رأي انهما قد توجه هروبهما صوب البادية، ثم محمد أحمد محجوب ( 1908م-1976م ) والشاعر محمد الواثق (1936م-2014م)، وقد رأي عندهما هروبا في وجهة
)الأنثي الأجنبيه)، علي حد ما قال به بشأنهما، ثم جعل من الشاعر محمد المهدي المجذوب ( 1918م-1982م ) هو ( الهارب الأعظم ) وفي وجهات عديدة رأها عنده! ثم تناول في الفصل الثاني من الكتاب، لكن بتركيز أقل، ظاهرة ( الهروب ) لدي التجاني يوسف بشير ( 1912م-1937م )، ولدي معاوية محمد نور(  1909م-1941م) وكذلك لدي إدريس جماع ( 1922م-1980م ) علي تفاوت فيما بينهما مما رأه عندهما، لكنه نظر إلي كل هؤلاء الذين قرأ لديهم ( هروبا )، بهذا القدر أو ذاك، من منظوره الخاص المحصور بنظره إلي الهروب وفقا لمعتقده بالفكر الجمهوري الذي جعل منه مسربا وحيدا لرؤياه تلك، التي أراها أنا، قراءة (ضيقة) ليست في الشمول ولآ في البراح الموضوعي الفسيح. ( الهروب )، أيا ما كانت وجهته، يعد من الأمور غير ( الحميدة ) في سلوكيات الناس ومواقفهم، حتي وأن كان، هذا الهروب، في وجهة ( النجاة ). فالنجاة، من بين بعض وجوهها، لربما قد تكون حياة، برغم إنها، دائما، لا تكون نجاة، ولكن، هل حقا، تكون حياة، وأي حياة!

عن المهارب والهاربين عند النور حمد:

أصدر د. النور حمد كتابه: ( مهارب المبدعين، قراءة في السير والنصوص السودانية ) عام 2010م ط. أولي في 380 صفحة من القطع المتوسط عن دار مدارك- القاهرة/الخرطوم. من المعلوم، والمقروء، في مسار الثقافة السودانية أن هنالك العديد من الكتابات التي تناولت اطروحاتها علاقة النخب السودانية بالواقع اليومي المعيش، و( فشل ) هذه النخب في المساهمة الجادة في إدارة وتشغيل عمليات التغيير في المجتمع وصولا به إلي الغد الديمقراطي الحر وإشاعة العدل والحريات والسلام والسيادة الوطنية. ثيمة كتاب النور جعلها تكمن، في جوهرها بالذات، في مصطلح ( الهروب من الواقع )، تلك سمة وملامح ونسق الكتابة كلها، وفشت فيها، من جميع وجوهها التي تناولها، روح الإنسحاب من مواجهة تحديات القضايا الجليلة لشعوب السودان وللوطن الكبير. وفقا لرؤياه تلك، تناول ما رأه في سيرة وأعمال بعضا من مبدعينا وقد نال منهم إعياء وإرهاق الحياة فجعلهم في تلك المهارب، يذهبون، جراءها، بعيدا عن قضايا وهموم شعوبهم، بل أنهم، إيغالا منهم في تلك المهارب، يلجأون إلي ذواتهم وإلي تلك المخابئ المعتمة لمنابع إبداعهم، يلتمسون منها أضواءا وشروقا يرافق إبداعهم ومواهبهم. ما تناوله النور في كتابه هو، في ظني، نظرات وتأملات، لكنها أيضا، في واقع أمرها الذي بدت عليه، ( إدانات )، بهذا القدر أو ذاك، أرتقت لتكون جراحات ذوات نزيف لأؤلئك اللذين جعلهم النور، وتلك رؤياه، في زمرة الهاربين. والهاربون هنا، كما قراءتهم في اطروحة النور، هم اللذين إبتعدوا وتخلوا، طواعية، عن النضال الواقعي، ثم إلتحقوا بمواكب السلطان وإن ( سكتوا ) عن سوءاته وجرائمه. وهنا أيضا، تلك، مما أراه ( مغالاة ) وشططا في حقهم. لكن، لربما لأجل ( التخفيف ) عن محمولات القول ومدلولاته، يقول النور:( ليس هذا الكتاب مجرد رصد لأحوال الهرب والهاربين، وإنما هو محاولة لمعرفة القوي التي تعوق الطاقات الخلاقة، وتخلق حالات الانسحاب وسط ذوي الطاقات العقلية والوجدانية الكبيرة. )*. ولكن أيضا، برغم ذلك كله نقول، أن النور، حاول واجتهد أن يكون في صف قلقهم الوجودي وحقيقة احاسيسهم الروحية والمادية، بل نقول أيضا، أنه قد تعاطف معهم، ومع مواقفهم وهي في تجليات إبداعهم، ولم ينحاز إلي أي ( إنحراف ) وجده عندهم، لربما لأجل تلك ( القراءة بمحبة )، التي قال بها الطيب صالح يوما! هذا ما عن لنا أن نوضحه في هذا الشأن، ولكن، ماذا عن ما جاء به سيد أحمد إبراهيم في مقاله الذي أشرنا إليه؟
عن غربة عاطف خيري ومحسن خالد:
هي غربة، أينما قلبتها علي جميع وجوهها، هي غربة، توهان في دوامات تكاد لا تستقر علي حال وهي في بلبال دورانها الذي لا ينتهي، دخول، غير واع، إلي حقول الميتافيزيقا التي تمسك بخناق من يكون فيها، تأخذه من عنقه فلا تفلته إلا لتسلمه إلي دوامة أخري، هكذا، بلا أي أمل أو رؤيا للخلاص، تلك مصائرها وصيرورة من تشاء أقداره أن يكون في محاورها ومحارقها! غربة عن الواقع، مفارقة لحقائق الحياة في تجلياتها المادية المحسوسة، وموضوعيتها التي غدت من وجوه العلم والمعرفة التي انتجتها البشرية علي مر تاريخها وسيرها صوب الحقيقة التي يدعمها العلم والتجربة والبرهان. لآ، ليست ( هروبا ) علي أية حال مثل الذي قال به النور أو أسقطه سيد أحمد إبراهيم علي حال عاطف خيري، وهو أيضا، ليس ( تقية ) ينحوا بها صوب السلامة للنفس، ولا هو ( هروب ) من مواجهة الجلاد وعسسه وأجهزة أمنه، ليس خشية من إعتقالات أو سجون أو تضييق علي الرزق، فعاطف عاش كل عمره الشعري مناضلا ومنافحا، بالشعر، لأجل قضايا شعبه كلها. الذي حدث، لعاطف ومحسن، هو جناية التفسير الخاطئ للقرآن، ودخولهما إليه دون أن تتوفر لديهما المعرفة والفكر الذي يعصمهما من هذا الإنزلاق الخطير إلي هوة ليس لها من قرار! نورد، فيما يأتي، تفصيلا لما أوردهما هذا المصير، وليتضح لنا، من واقع ما جري، أنهما، معا، ليسوا من زمرة الهاربين، وليس فعلهما ( إنسحابا ) إلي دواخلهما، كما تصوره سيد أحمد، فهما، بوعي متدن، نشدوا ( خلاصا )، لهما ولأمة المسلمين، فكان اللجوء إلي الدين، بشكله الذي رأيناه عند كل منهما. أما إلي متي؟ ذلك رهينا بمراكمة وإتساع المعرفة عندهما، ورهينا، لربما، بالزمن أيضا!

بداية الوهم/ التوهان، وإعلانه في الملأ:

في يوم الجمعة 23/1/2015م، نشر عاطف خيري علي مدونته في النت بيانا بعنوان:( سيناريو البحث عن الشعر )*، بإشارة إلي عنوان ديوانه المشهور(سيناريو اليابسة ). في ذلك البيان أبدي خيري ندمه وأسفه، بل وأعلن (خيبته) فيما يتعلق بأشعاره في دواوينه التي نشرها في السابق:( سيناريو اليابسة 1995م )، ( الظنون 1998م )، ( تشجيع القرويات 2006م ). يعتذر خيري عن تناول شعره للمقدس ( الديني ) كما جاء به القرآن والحديث، تلك الإشارات الشعرية اللطيفة التي أعلت، من ضمن سياقات أخري بالغة القيمة، من مقام شعره وموهبته العالية. فقال:( عشرون عاماً منذ الكتاب الأول: سار بين الناس وأبلى في صداقتهم، ومن باب تجويد الصحبة القول بأنني ما عدتُ أطرب لرؤية مراكب سيناريو اليابسة ترفع الكلفة بينها وبين سفينة سيدنا نوح عليه السلام، وأرى في تلك الحيلة شعرا قليلا، ولعل ما ظللنا نبحر به لم يكن سوى مراكب الخوف، ذلك رمزها، ولها أن تتوهم، بعيدا عن تلك المباشرة، شبهاً بينها وبين السفينة الأم. وأرى النأي عن ما تفعله أيامُـنا هذه بالدين ورموزه المقدسة بلاغة العارفين.)*!
 
كان خائفا إذ يفعل ذلك، بل كان، علي حد قوله، يتوهم شبها بين تلك الرموز المقدسة وبين إشاراته الشعرية إليها، وعد ذلك مما لا يجوز أن يكون في الشعر، فنأي، بنفسه، وجر معه، شعره أيضا، إلي حيث يكون شعره، الذي سيأتي، إن أتي، متصالحا مع هذه الرموز فيجعلها في النأي عن تلك الرؤي تزري بالدين ورموزه! هكذا، بمحض إرادته، أدخل نفسه وشعره ورؤاه، إلي تلك المفازة بما يكتنفها من تهويمات و ( هلوسات ) و رؤي مفارقة تماما للواقع الماثل في تجلياته المادية التي يسندها ويبرهن علي مقولاتها العلم الذي كرسته البشرية دربا ومسارا لمستقبل العالم وهو يخطو صوب التقدم والإزدهار. يقول خيري:( ولعلها جاهلية واعدة في سيناريو اليابسة كما في الظنون، وما زالا، بعد التنقيح والعناية بالأغصان الزائدة، يرويان طرفا من تلك القيلولة والله المستعان. أعلم عن كرم الشعر أنه يجود بالمهالك، وأعجب لمن يرجو منه خيرا، وأعجب لمن يبالي، عند الطمأنينة، بالتخلي عنه، وأرثى لحالي.
 ........
 لماذا بذلتُ الحذر أثناء استدعاء ما هو مقدس ؟ راقني هذا التقشف، بعد كدح فاتن، جاهلا وغاضبا وباحثا عن ذات: حذفت الذي حذفت غير مشفق على مقصد أو قصيدة.
 ذلك عزم قديم: طموحه الذهاب بسيناريو اليابسة ليأكل ناره بعيدا عن الغابة المأهولة، ولن يبتعد قيد أنملة، ذلك قدره، لكنه يظل يقدح في جدوى الشعر، شعره، يدنو من المقدسات أكثر مما يجب، فإن رأيتني أفعل فلا تتبع من أنفق ما يربو على الأربعين سنة سالكا البعيد والمقفر إلى البديهة.)*! يقول قوله هذا، وهو يقوم بمحو أجزاء واسعة من شعره، ويستبدل مفرداته بتلك التي لها ظلالا دينية وميتافيزيقية، ثم يستغفر الله عما فعله بشعره!
وأما محسن خالد، فقد قذف بإبداعه كله، دفعة واحدة، إلي جب النسيان، نسيانه هو، وهلوساته هو، بعد أن أسرع بالدخول إلي ذات متاهة خيري، لكنه صار في دوامات الطلاسم التي لا يفهمها أحدا غيره. يكتب محسن مثلا:( العاشر من صفر، الموافق 22 ديسمبر، عيد الشهيد نبي السلام، هابيل)*؛ وهي الكتابة التي اعلن فيها رؤية ابوكاليبتكية للعالم (
apocalyptic) تنبأ فيها بنهايات له تبدأ من كنيسة "اللد" في انجلترا. ولم يلبث ان اعلن فيها نبوته وانه النبي الطائر والمهدي المنتظر:(إنّني هِبَة البارئ، المهدي المنتظر، المهدي أي التائب إلى ربّه، والنبي الطائر، المؤيَّد بنار اليشب وبمذراة الحياة والطاقة، وريث السيّد المسيح عليه السلام، المأذون بإحياء الموتى والطيران وفعل الخوارق، من سيؤمُّ المسلمين في المسجد الأقصى. ومَن أسماه السيِّد المسيح بـ(المُدَلَّل عند ربّه) المعجّنو ربّو)*! ثم، من بعد يعلن نفسه يحيي بن زكريا ويعمد نفسه النبي والمهدي المنتظر، فيكتب:
( يحيى بن زكريا هو المهدي المنتظر، جدول قيام الساعة.
احَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏( 2‏)
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏( 182‏)
هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏( 65‏)
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ‏( 46‏)
ما هو القلم؟
هو مقام الرحمن .
مقام ربنا وحبيبنا الرحمن اﻷعلى ‏( 40+1+100+40‏)
أربعة درجات + أربعة درجات، سبع درجات، ست درجات، ست درجات
وفيم تجلَّى مقام الرحمن وهو مقام اﻷعلى، تجلّى في أسماء الرحمن الحسنى
وعددها 54 اسماً، لهذا السبب ارتبطت وراثة اﻷرض والقيامة والساعة بسورة
القمر التي رقمها 54، وما كان لسورة القمر ولكل سور الخلق أن تكون لوﻻ
هذا التجلي لمقام الرحمن في أسمائه الحسنى. التي تجلت بدورها في الرحمة.
فما هو القلم إذن؟
هو شركات اﻻتصاﻻت العالمية التي يديرها حزب الشيطان في أرضنا ‏( ص‏) هذه
كلها، من البلد اﻷمين " ما سموه بالسودان ."
واﻻتصاﻻت في العالمين كلهم 68 أرض تُدار بمقام الرحمن، من اﻷرض ‏( ص‏)
حيث البيت المعمور الذي حكم منه يحيى العالمين.
هذا ما يعرف بمقسم السودان، راجعه في اﻻنترنت وستكتشف أن كل العالم عبدٌ
لمقام الرحمن، الرقم ‏( 40‏) . فبقية اﻷرقام في بقية اﻷراضي، وتتوزع بحسب
أسماء الرحمة التي سأعود لتبيانها إن شاء الرحمن.
سأعود لتبيان اﻷمر، ﻷنهم حينما انقلبوا على الحكام بأمر الرحمن آل عمران
بدؤوا بالإستيلاء على القلم، مثلما كل الإنقلابات تبدأ بالسيطرة على اﻹذاعة
والتلفزيون، وﻷن إعلان النبأ العظيم لن يكون من سودانيز أون ﻻين وإنما للعالم
كله، باسترجاع الرحمن لحُكمه إلى من أوكلهم به، وﻷن حرب الفتح قد بدأت
فعلا، هم يعلمون وطائراتهم "طائف الشيطان" تحلق فوق القلم، البيت الذي
يدَّعون أنه ﻷخي، وهو مركز القلم، لن يعمل من دون سيد اﻻسم - يحيى .
واسترجاع القلم يتلخص في السيطرة على شركتي اﻻتصاﻻت
سوداني -الذكر - يحيى‏( 05‏)، والتي اسمها في كتاب الرحمن يحيى .
وشركة زين -اﻷنثى‏( 09‏) - واسمها في كتاب الرحمن زينب.)*!!

 هكذا، بهذه ( الخطرفات ) التي هي، في ظني، محض هلوسات ورؤي ( مريضة )
تعبث بمخيلته وتشوش عليه وعيه كله فتدخله إلي هذا المقام الذرئ لتجعل من حياته ( عبثا ) لا يستقيم مع واقع حال وطنه وشعبه وأحلامهما في الغد المزهر الذي ينشدانه، فيكون منهما في ( الغربة ) الأسيفة التي لا حياة فيها ولآ أمل!
فمن هو ذا، الذي بمستطاعه الآن، أن يخرجه من هذا الكابوس المريع يا كمال الجزولي ويا فضيلي جماع؟! هذا أمر جلل، وفادحة عظيمة الخطر بحق هذا الإنسان وبحق موهبته وإبداعه الذي كان!
ونمسك، هنا، قصدا،عن الخوض في شأن روايته:( تموليلت المغربية السحاقية )، والأخري:( احداثيات الإنسان – الرجل الكلوروفيل )، التي صدرها بقوله:( أبلغ الأرض حين ينطقها معول، وأبلغ المرأة حين ينطقها عضو الرجل )!، ولا عن مقالته:( أمثالنا السرية ومفاتيح ثانية ) التي حزفتها إدارة موقع سودان فور أوول جراء كلماتها وتعابيرها ( الفاحشة ) وما أحدثته من ردات فعل واسعة مستهجنة ورافضة لمقالته، مناشدة إدارة الموقع بحزفها، وقد فعلت! محسن ترك كل ذلك خلفه وهرول مدخلا نفسه ورؤاه إلي ذلك النفق المظلم متدثرا بأسوأ ما جعلته التفاسير الشائهة من هلوسات حول الإسلام!
ولنا أن نسأل، ما الذي حدث لهما، وما الدافع لكل هذا الإغتراب؟!

غياب الوعي، هاوية للسقوط:
إنها مرحلة كاملة ماتزال مستمرة، من القلقلة والتأزم والتردي والتفكك والإنهيار، تكاد تكون علي مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمفاهيمية والذوقية والأخلاقية وحتي القيمية، وفي مثل هذه الحالة، أخذت تسود فيها حالات اليأس والإحباط والإغتراب وفقدان الإتجاه السياسي والفكري والقومي، حد أن حوصرت إرادات المقاومة والتجاوز والتخطي، وفعلت نفس الشئ لبعض الإتجاهات العقلانية/ العلمية والديمقراطية والتقدمية. في مثل هذا الحال، وفي مثل عصرنا الراهن، الذي أخذت تسود فيه الفوضي والهيمنة الرأسمالية بتجلياتها العديدة في مجالات السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي، وتسعي، السعي كله للإمتداد إلي المجال الثقافي بهدف تنميطه وتطويعه لخدمة أهدافها ومصالحها، تستشري الاتجاهات اللاعقلانية المتزمتة والمتعصبة لرؤاها وتصوراتها المعادية للديمقراطية وللتفتح والإزدهار الإنساني، ثم،:( فإننا حين نضع المعرفة الدينية في مقابل المعرفة العقلية، فإن كل ما نفعله هو أننا نضع العقل أمام نفسه. لكن المؤسف هو أن الشطر الأعظم من التعامل مع التعبيرات الدينية في تاريخ الناس إنما جري صرفه لجهة كونه شيئا لا علاقة له البتة بالعقل. وتاريخ تعامل السودانيين مع التعبيرات الدينية والتفاسير التي تهمهم ليس استثناء من ذلك )*. يصبح للشعر، إذن، في حال خيري، وللرواية في حال محسن، بطبيعتهما الزمنية التاريخية الإنسانية، إلي جانب الاشكال والتعابير الأدبية والفنية والثقافية الأخري، دور تاريخي كبير في التوعية والتنوير والمقاومة. بالطبع، لا يتأتي ذلك إلا لمن يمتلك الوعي المعرفي الكافي للدخول في شرف هذه التجارب الإبداعية والمساهمة، بجسارة، في تطويرها لأجل الإرتقاء بالوعي الجمالي والفكري للشعب علي جميع مستوياته. الوعي، إذن، هو( الفقد ) الفادح، بالغ القسوة، الذي قاد كليهما، خيري ومحسن، لكيما يكونا في تلك المتاهة التي، آآمل ملء قلبي، أن يغادراها بأعجل ما يكون، إلي ضفاف الحرية والإبداع، عوضا عن ذلك الملجأ، الذي غدا سجنا ونفقا مظلما، بعيدا عن الحرية والسلام النفسي والرؤيا الإبداعية الخلاقة!
-----------------------------
هوامش:
* ( مهارب المبدعين... )، النور حمد- ص ( 343 ).
* ( سيناريو البحث عن الشعر )، عاطف خيري – مدونته علي النت:
atifkairy.blogspot.com/2015/01/blog-post_23.html  
* المصدر نفسه.
* المصدر نفسه.
* محسن خالد، كتاباته علي هذا الموقع في النت:
sudaneseonline.com/board/85.html
* المصدر نفسه.
* المصدر نفسه.
* د. فتح الرحمن التوم الحسن: مجلة الحداثة، العدد(10) يونيو2018م،
  ص ( 51 ).



ليست هناك تعليقات: