Powered By Blogger

الأحد، أغسطس 26، 2012

في رحيل حلمي سالم ... !


 
وهو يعد شعرا عن مرضه ،

رحل حلمي سالم ... !
-------------------------------
بعد ظهر أمس السبت 28/7/ 2012 رحل عن عالمنا حلمي سالم ، أحد أجمل الشعراء المعاصرين ، بالمستشفي العسكري بالمعادي في القاهرة ، إذ ظل منذ بضعة أشهر يعاني من سرطان الرئة ثم تقفت كليتاه ليرحل عنا وهو يجري الغسيل لهما عن 61 عاما ! في أواخر اكتوبر 2004 كان حلمي قد أصيب بجلطة دماغية شلت جنبه اليمن واعجزته عن النطق ، لكنهبعد علاج مكثفاستعاد عافيته فأصدر يوميات مرضه في ديوانه البديع " مدائح جلطة المخ " :

"
كانت قصبة الساق
طائرة في الفراغ ،
وعضلات الذراع مفكوكة
تتخبط بين الدولاب والحائط ،
لكن جسد سيدة النبع
ظل ملفوفا بملابس الإحرام ،
بينما ظهرها منشور
كجنود المظلات ،
تساءل الفتي :
الكف التي باتت تمسد بجعة ،
كيف ضلت مسارها
إلي النقطة العمياء
بين بصيرتين ؟
والقدم التي دبت طوال عامين
من ميدان الرماية
إلي التجمع الخامس ،
كيف لانت فلا تقوي علي السعي
بين سجادة ومخدة ؟
واللسان الذي قضي الليل كله
يقيس حوض أنثاه
بكمية المسام بين عظمة وعظمة ،
كيف إلتوي
فلا يجيد الفصل بين الكاف والنون ؟
أيها الأخوة :
الريشة استقرت في الفص .
أيها الأخوة :
هذه تطوحات حلاجين .
أيها الأخوة :
مرت سحابة ! " .

حلمي من مواليد قرية الراهبالتي سيدفن بها هذا النهاربمحافظة المنوفية العام 1951 . تخرج في جامعة القاهرة متخصصا في الصحافة والإعلام . وهو اليساري " المعتق " فقد عمل بجريدة " الأهالي " الناطقة بأسم حزب التجمع ، ثم ترأس أيضا تحرير مجلة " أدب ونقد " ، كما ترأس تحرير مجلة " قوس قزح " . يعتبر حلمي أحد اهم الشعراء الفاعلين في جماعة " إضاءة " ، أحد أكبر الجماعات الشعرية في سبعينيات القرن الماضي في مصر . له حوالي 18 عملا شعريا ، منها :
-
حبيبتي مزروعة في دماء الأرض 1974 .
-
سكندريا يكون الألم 1981 .
-
الأبيض المتوسط 1984 .
-
سيرة بيروت 1986 .
-
فقه اللذة 1992 .
-
يوجد هنا عميان 2001 .
-
الغرام المسلح و عيد ميلاد سيدة النبع ، كلاهما العام 2005 .
-
الثناء علي الضعف 2007 .
-
مدائح جلطة المخ 2004
-
البائية والحائي 1988 .
-
دهاليزي والصيف ذو الوطء 1990 .
-
الشغاف والمريمات 1994 .
-
سراب التريكو 1995 .
-
الواحد الواحدة 1997 .
-
تحيات الحجر الكريم 2003 .
وله كتب نقدية عديدة ، منها :
-
الثقافة تحت الحصار / بيروت 1984 .
-
الوتر والعازفون 1990 .
-
هيا إلي الأب 1992 .
-
الحداثة أخت التسامح 2001 .
-
ثقافة كاتم الصوت 2003 .
-
الشعر العربي المعاصر وحقوق الإنسان ....
-
عم صباحا أيها الصقر المجنح : دراسة في شعر أمل دنقل ....
-
التصويب علي الدماغ ....
-
كلمات في الحرية والقمع ....

وكانت أخر كتبه الشعرية " محاكمة شرفة ليلي مراد " ، وقد تضمن قصيدته الشهيرة التي حملت نفس الأسم وأصدرها العام 2007 ، وهي التي شن جراءها التيار المتأسلم والسلفيونهم للأسف العميق حكام مصر الآنحملة شعوا ضد الشاعر وصنفوه مهرطقا قد أساء للذات الإلهية ونجحوا في إجبار هيئة المحكمين لجائزة الأدب لسحب الجائزة عنه كانت قد أعلنت فوزه بها . أما هو ، فقد قال في دفاعه : " ... أنتقدت في القصيدة تواكل المسلمين علي الله وقعودهم خاملين ، وهذا معني ديني ذكر في القرأن الكريم ، حيث قال تعالي : ( أن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم .) ، والقصيدة قالت هذا المعني بصورة شعرية بسيطة لم يعتد عليها كل الذين يقرؤن الأدب قراءة حرفية ضيقة ! " . لقد أنتصر في معركته مع الظلام ، أوقد شموعه كلها و ... أشهر القصيدة في وجوههم ، فأنتصر !
كنت أقول ، لا سيف يستطيع أن يجرح منه موضعا ، فجسده لم يتبق فيه موضعا لنصل ... وأبدا لم يخطر علي بالي أن تحل الصاعقة ، بكل تجليات عنفها ووحشيتها بين جنبي الشاعر ، أهي أحدي نبوءاته قد صعقتالآنالجسد ، أم هي من سخريات الأقدار التي جعلت كلمة محرمة تطلع منه في الشعر فتجعله ملعونا عند نهاية الأمر ؟ لا ... عاش حلمي كما يجدر بالشاعر أن يعيش ، كما يجدر بالإنسان أن يعيش ويكون ! لطالما بدأ بسمة رقيقة في الناس وإستجابة بادية التوهج في الشعر ، لا شئ من العنف في طبعه ، فكيانه كله لطف ولين ، فكيف وجد فيه هذا " اللص الجبان " ، علي قول درويش ، أن يجد فيه مكسرا ، أيكون ذلك هو غليان الروح الوثابة وغرائبية الرؤي ، وجسارة القول و ... لعنة الدواخل ؟ حلمي لم يكف أبداتحت أقسي الظروفعن الكتابة ، كان يكتب ويكتب ويكتب ، عاصفة من الأوراق علي قول ماركيز ... لا ، لم يكن يمشي في الشعر ، بل يهرول ، يبدأ دائما من الأساس ، لكم زحزح ركام الحجارة الصلدة وكسرها وأعمل فيها معوله الصقيل ثم أزاحها ليفسح الطريق للشعر الجديد ، كان في معركة الشعر ، محاربا ومصارعا لا يفتر ولا ينال التعب منه ، كان يقسو عليهما ، جسده ومخيلته ، لم يتركهما للدعة ولين الحياة . أيكون هو الشعر ، وقد نفذ إلي جسده في غفلة منه ، أتكون العاصفة التي كان يشعل دواماتها قد غافلته فسكنت ، هذه المرة ، في الدماغ الحيوي للشاعر الكبير ؟
حلمي : أيها الشاعر الجميل / الإنسان الجميل / اليساري الجميل ، أهذا ، ياحبيبي ، آوان الرحيل ؟
لكأنني أسمعك الآن ، أذ تردد في يوليو 2005 :

إنها الرقيقة التي مبدؤها الإيماء ،
تطوف بالعمر
من أجل أن يجدد العمر
أسمه الحركي .
إنها الناعمة التي متكؤها الشعيرات ،
حيث تسري تذكرة داوود ،
من أجل ان تستيقظ الفواكه
لكي يدرك العشاق
أن الدم خوان .
وأن الرحابة
خدعة العافين عن الناس .
ياسيدي :
الخفيفون
للخفيفة !

وهاهيياحبيبناالرقيقة الناعمة لم تتركك تكمل إستيقاظ كل فواكه بستانك ، لم تمهلك حتي تكمل تجاريبك في القصيدة ، كنت قد أزهرتها ، يانعة ومن ضوء ، ثم جعلتها شموعا في فاتحة النفق ... إننا نراه ضوءك ، فما من ريح قادرة علي إطفاء جذوتها ... فكن خالدا فينا ياحلمي ، كن لنا القصيدة والوسامة ياحبيبنا و ... إليك السلام

----------------------------------------------------
 *
ولأن الله في مصر، كما في البلاد العربية كلّها،

"مُحاصَر" بكثرة المنافقين والتجّار، أصدرت أخيراً محكمة القضاء الإداري في القاهرة حكماً يقضي بسحب "جائزة التفوّق" التي حصل عليها الشاعر المصري حلمي سالم العام الفائت، وإلزامه ردّ قيمتها
(9500 دولار أميركي)، إثر الدعوى التي رفعها شيخ الظلام والارتزاق يوسف البدري بعدما نشر سالم قصيدة "شرفة ليلى مراد" في مجلة "إبداع"، بزعم أنها "طاولت الذات الإلهيّة". ويُذكَر أن المرتزق البدري اشتهر بإقامته دعاوى على المثقفين المصريين وتكفيرهم وملاحقتهم... هذه هي " شرفة ليلي مراد " نقرأها عا :




أسمهان


صادفوها
وهي تحمي بأسودها
أبيضها
الذي يجرّ عليها قذى الشوارع
مأزقها:
أن الانطباعات الأولى
تدوم
كيف إذن ستغنّي:
أسقيه بيدي قهوة؟
نظرية

البكارة
ملك الأبكار
وحدهم
حتى لو كرهوا
نظرية التملّك.
رومنسية

نقاوم الشجن بعصر ما بعد الصناعة
لكن مشهد عبد الحليم وأخيه
في "حكاية حب"،
ينتقم للقتلى.
البلياتشو
تعبنا من توالي الامتحانات،
فلماذا لا يصدّق الناس
أن الأرض واسعة؟
لنعطِ أنفسنا للمفاجأة،
راضين
مرضيين
البلياتشو جاهز للوظيفة،
حتى لو شكّ الجميع
فى إجادته العمل.
الأزبكيّة

يقسو على نفسه موبّخاً: يالطخ، الجميلات لا يصحّ أن يصعدن السلالم وهنّ معلّقات على ذكرى الأب الذي يظهر خفيفاً في القصص.
ظلّت دعوة الشاي مؤجّلة حتى ماتت التي في مقام الأمّ أثناء حمّى الطوائف. وقبل موتها بربع قرن اعتزلت ذمية تياترو الأزبكية ليصير لديها وقت لتناول الينسون كطيف من زمان السلطنة.
لعلّني أنا الذي في الحديقة، أمزج الشحاذة بالغرام، مصطنعاً الاعرجاج في ساقي، والعكاز تحت الإبط، فهل أنت الواقفة في شرفة ليلى مراد؟
طائرات

البيوت تأكلها الرطوبة،
لذلك يطلقون الطائرات الورقية
على السطوح،
ليثبّتوا بها المنازل على الأرض.
حراسة

ليس من حلّ أمامي
سوى أن استدعي اللهَ والأنبياءَ
ليشاركوني في حراسة الجثّة
فقد تخونني شهوتي
أو يخذلني النقص.
طاغور

تنام متخفّفة من شدادة الصدر،
وعندما تصحو في مواجهة السقف،
تلوذ بغوايش طاغور
فرقة الإنشاد،
تشنّجات حلقة الذكر
تقبيل يد القطب،
هذا هو تأصيل الرغبة
تهكّم الجرّاحون على أهل العواطف،
وعيناك ترفضان النصيحة
بسبب منام رأتا فيه
البلطة تتدلّى مكان الفلورسنت.
الأندلس

أنت خائفة،
وعماد أبو صالح خائف،
والطفلة التي اتخذها النذل
ذريعة للنجاح
خائفة
يا ربّ أعطهم الأمان
لم يتحدّث أحد عن الأندلس
كلّ ما جرى
أنك نظرتِ في المرآة
فوق:
رمزية الترمس،
وسماء تحتكُّ برهة بنهدَيْن،
ثم تلتفّ حول نفسها مسطولة
فوق:
ونحن معلّقان في الفراغ
كان لا بدّ أن تُقال كلمة مشبوهة
قبل أن تضمحل الدول.
الأحرار

الربّ ليس شرطياً
حتى يمسك الجناة من قفاهم،
إنما هو قرويّ يزغط البط،
ويجسّ ضرع البقرة بأصابعه صائحاً:
وافر هذا اللبن
الجناة أحرار لأنهم امتحاننا
الذي يضعه الربّ آخر كلّ فصلٍ
قبل أن يؤلّف سورة البقرة.
الطائر

الرب ليس عسكريّ مرور
إن هو إلا طائر،
وعلى كلّ واحد منّا تجهيز العنق
لماذا تعتبين عليه؟
رفرفته فوق الرؤوس؟
هل تريدين منه
أن يمشي بعصاه ؟؟











!

 

ليست هناك تعليقات: