Powered By Blogger

السبت، نوفمبر 23، 2013

تغزل في نساءهم شعرا ، فأحرقوه حيا ... !







--------------------------------------------

سحيم عبد بني السحاس ، هكذا كانوا يسمونه ، ولا أسم له سواه !  كانت القبلية والعنصرية لا تزال في عنفوانها حين أدركها الإسلام ، فظلت وجها بغيضا من وجوه الحياة في ظلاله ، الرق كان فاشيا ومسنودا بالتقاليد شديدة الرسوخ للعصبية القبلية ، يباع الناس في مجتمعاتها ويشترون ، ثم يوصمون في المجتمع عبيدا وإماء ! سحيم كان " عبدا " أسودا ، نوبيا أعجميا ، مطبوعا ومتألقا في الشعر . فأشتراه بنو الحسحاس وهم بطن من بني أسد بن حزيمة . يقال أنه كان إذا أنشد الشعر استحسنه – مثلما يستحسنه غيره عادة – فيقول مزهوا به : " أهشنت والله " ، يريد " أحسنت والله " ، أدرك الإسلام ويقال أن النبي تمثل أبياتا من شعره في غير ما مرة !
سحيم كان أسودا قبيح الوجه ، وعن ذلك يقول :

أتيت نساء الحارثيين غدوة
                                      بوجه يراه الله غير جميل
فشبهنني كلبا ولست بفوقه
                                     ولا دونه إن كان غير قليل !

كان كثير الغزل في النساء  ، كما هو مشهور عند العديد من الشعراء ، يشبب بهن في غير ما فحش أو فجور ، أشبه ما يكون بالعذريين الشعراء في عفتهم ورقتهم ولطفهم في المرأة وجمالياتها ...
وقد جري من شعره الرقيق الكثير في الأغاني والطرب وقتذاك ، ألحانا عذابا تسري بالمواجد في الناس . مضي في شعره يتغزل في نساء القبيلة ، وكان يعلم بما في ذلك من الخطر الذي يتهدده في حياته نفسها ، لكنه – كعادة من يضام من المجتمع – راح يدافع عن كينونته في الحياة وعزة نفسه بأدارة الحرب ضد القبيلة وسادتها إذ يصيبهم في موضع " عفتهم وطهارتهم " من جسدهم المشوه الفاسد ... حيث كانت النساء قابعات في الكمون من الكبت والقهر والحرمان ، ملذات تدور،
كحجر الرحي ، في الليالي الذكورية حيث تتري فيها مباذل وخلاعة الرجال . أدار معركته – بأصرار وقصد – وهو يري النار تقترب منه رويدا رويدا فلا يكترث !

السادة ، طفح منهم الكيد الذكوري الشرقي ، فأضمروا له ، ووثبوا عليه حين قرروا في ليلة مشئومة أن يقتلوه ، فصاح بهم : " دعوني إلي غد حتي أعذرها عند أهل الماء " ، فقالوا :
إن هذا صواب فتركوه ! فلما كان الغد إجتمعوا عليه فنادي في الناس : " يا أهل الماء ، ما فيكم أمرأة إلا قد أصبتها  إلا فلانة – يقصد أصابتها بالشعر والتغزل فيها – فإني علي موعد معها " !
تلك كانت سهامة الأخيرة في الجسد المشوه للقبيلة !
فأخذوه وهو يردد في تهكم بليغ وسخرية سوداء :

شدو وثاق العبد لا يفلتكم
                                   إن الحياة من الممات قريب
فلقد تحدر من جبين فتاتكم
                                  عرق علي متن الفراش وطيب !
تلك طانت طعنته المسمومة في كبرياء الجسد القبلي الذي لطالما أثخنه بالجراح وتركه في نزيفه.
حفر له أخدود عميق في الأرض ، وألقي فيه وهو مكبل بالقيود الغلاظ ، وألقي عليه الكثير من الحطب ، وأشعلوا فيه النار ، فأحرقوه حيا وهو في صمته البليغ حتي صار رمادا ذهبت به الرياح
في تطوافها ، وقعت فاجعة أحراق الشاعر تحت ظلال الإسلام والنبي بعد حي !


ليست هناك تعليقات: