*السوسن *
عن الورود ، الحب و ... الحبيبة !
---------------------------------
( إذا كان لديك جنيهان ، فاشتر بأحدهما حبرا ، وبالأخر وردة :
الحبر غذاء الجسد ، و الوردة غذاء الروح ) .
منذ زمان موغل في القدم ، الورود والزهور ترافق الحياة ، فلا تغيب عنها . هي البهية الحاضرة في مناسباتنا : في الحب والزواج ، في النجاح وفي اللقاء ، في المرض والموت ، مثلما كانت منذ مبتدأ أمرها في ولادة الحياة . حضورا جميلا في حياة الناس ، في التخاطب والإتصال والتواصل ، بل منذ أن كانت وهي تستعمل كرسائل خاصة بين المحبين ، بين الملوك والملكات والشعراء ، حين كان الوقت لايتيح للتعبير عن العواطف أن يكون سهلا ميسرا بين الناس ، وعلي العواطف أن تخبئ نفسها عن الأعين والمتربصين ، أن تكون عواطفا تتأجج في القلوب لكن بخفر وخباء . حوالي القرن 17 تحولت رموز الزهور ومعانيها ودلالاتها لتأخذ لها لغة واضحة معترفا بها ، فعرفت بلغة الورد بين الناس . أشتقت دلالاتها ومعانيها من مصادر دينية ورمزية ، ولا تزال ترافقها في مسارها اللطيف حتي يوم الناس هذا . ألصقوا بها كثيرا من صفات القداسة وقليلا من صفات سوء الطالع ! يقال أن القسطينية هي التي شهدت أول بذوغ تويجات لغة الورد وأول إشاراتها علي يد الليدي " ماري والتري مونتاجو " التي كانت في عصرها كاتبة رسائل شهيرة و ... شاعرة . أصطحبت زوجها إلي الأرفة في تركيا حوالي 1716/1718 ، فأدهشتها هناك الزهور . وتقول الروايات أن هذه السيدة الأنيقة ، عالية الحساسية للحب والحياة ، كانت علي علاقة غرامية بصديق لها في إنجلترا ، فكانت ترسل إليه رسائل كثيرة ، كان محورها وجوهرها الورود والزهور ... كشف عن هذه الرسائل القيمة بعد وفاتها ، فأطلعت أوربا ، لأول مرة ، علي هذه اللغة الجديدة غير المعهودة من قبل ، لغة الورد ! رسائلها هي التي قالت ، هي التي أفصحت وأبانت أن معاني النباتات والزهور يمكنها أن تحمل – بحنان رحيم – رسائل الحب والعواطف بين الناس . وبعد مضي أكثر من عام تقريبا ، قامت السيدة " شارلوت دي لاتور " بوضع أول معجم للزهور في التاريخ العام 1818 في باريس ووضعته بالفرنسية وحمل أسم " لغة الأزهار " ، أنتشر هذا المعجم الفريد سريعا في العالم ، ثم بدأت مسيرة العلم نفسه صوب الزهور والورود ، وأصبحت الورود وسيمة ويانعة ترافق عواكف المحبين والعشاق !
المرأة الوردة وأساطير الورود :
منذ زمان بعيد درج الناس علي تشبيه المرأة بالوردة ، بقرينة الجمال والشذي في كليهما . وتذكر الميثولوجيات القديمة أن الزهور كانت في أول أمرها صبايا جميلات ، قتلهن الحب فتحولن إلي زهور وإلي ورود ! هكذا ، أصبح التعبير شائعا ، أن يهدي المحب وردة إلي حبيبته في مبتدي حبهما ثم تستمر الوردة بينهما تصاحبهما وتشاركهما الحياة . لربما هي محاولة للعودة إلي أساطير عاشها الناس يوما حول الورود والحب والنساء ... لنري بعضا من هذه الأساطير الجميلات .
* تقول الأسطورة حول زهرة " النجمة " : أن إستيريا ملكة السماء أخذت تبكي عندما نظرت إلي الأرض ولم تجد فيها نجوما . فنبتت زهرة النجمة في الموضع الذي سقطتت فيه دموعها .
* نبتت زهرة " الزنبق " من دموع حواء عندما طردت من جنة عدن بعد ما عرفت بأنها حامل ، ويتخذونها رمزا للأمومة في الصين إستنادا إلي هذه الأسطورة . وهناك أسطورة أخري تقول : أن زهرة الزنبق قد كرست ل " هيرا " زوجة " زيوس " التي كانت ترضع طفلها " هرقل " فنامت أثناء رضاعته ، وعندما أستيقظت مذعورة ، قذفت بالطفل بعيدا عنها ، فتدفق حليبها مشكلا مجرة درب اللبانة / التبانة لكن بضع نقاط من ذلك الحليب وقعت علي الأرض فنبتت زهرة الزنبق !
* تروي أسطورة إنجليزية أن ملك الثلج شعر بالوحدة في قصره الجليدي ، حيث كل شئ صامت وجامد ، فبعث جنوده للبحث له عن فتاة جميلة تدخل الدفء والسعادة إلي قلبه . وجد الجنود فتاة خجولا أسمها فيوليت ( بنفسج ). أحضروها له ، فوقع في حبها لتوه وتحول تحت تأثيرها من رجل قاسي القلب ، وعبوس ، إلي رجل لطيف وحنين . رجته فيوليت مرة للذهاب لزيارة أهلها ، فسمح لها أن تقوم بالزيارة في الربيع شرط أن تكون علي شكل زهرة ، ثم تعود إليه في الشتاء ، هكذا تحولت الصبية الصغيرة الجميلة إلي زهرة حملت أسمها : بنفسجة !
* تقول الأسطورة : أن " كرو كوس " كان راعيا شابا يتمتع بروح نبيلة ، وقد وقع في حب حورية جميلة أسمها " سميكلاكس " . تأثرت الآلهة بعمق حبه وهيامه ، وتعاطفت مع قلبه النبيل وعواطفه ، فحولته إلي زهرة أبدية لاتموت ، إلي زهرة " الزعفران " ، فتعلقت بها " سميكلاكس " حتي الموت !
* التوليب : تقول أحدي الأساطير الإيرانية أن شابا أسمه " فرهاد " وقع في حب فتاة أسمها " شيرين " و ... ياللحسرة ، فقد وصله يوما خبر موتها ! حزن عليها حزنا شديدا ، ودفعه حزنه ويأسه إلي أن يقفز بجواده من أعلي أحد الجبال ، فلقي حتفه فورا . وفي المكان ، حيث نزفت دماؤه ، كانت تنبت من كل نقطة زهرة تيوليب جميلة يانعة ، رمزا لحبه المخلص ، فأرتبطت الزهرة من يومها بهذا الرمز وأصبحت زهرة احب عند الإيرانيين القدماء وحتي اليوم !
* أما زهرة الربيع / ديزي ، فبحسب أسطورتها الرومانية ، فأن ملك الغابة غضب من حبيبته عندما راقصت ملكا غيره ، فشعر بالغيظ والغيرة من حبيبته ، ولكي يتفادي مواجهته ، ومنعا للحرج ، حولت نفسها إلي زهرة الربيع ... ديزي ، فأرتبطت الزهرة بقيم التواضع والبساطة والإيثار !
* تقول أسطورة إسبانية ، أنه في قديم الزمان ، وصل إلي إسبانيا شاب شهم وكريم الأخلاق ، أقام في بستان أخضر كثير الخضرة يسمي " الجنة " من فرط جماله ، هناك تعرف علي خلاسية شابة ، سرعان ما أحبها وتزوجها . وصدف أن كان يقيم في مزرعة مجاورة شاب أسمه " رودريغو " أقسم علي الإنتقام من الشابة الخلاسية ، التي كانت قد رفضت عرضه الزواج بها ، فلجأ للحيلة لتكون وسيلته للإنتقام منها ، فتقرب من زوج الفتاة ، حتي كان أن دس له السم ذات ليلة في طعامه . مرض الزوج جدا ومات دون أن يعرف أحد السبب ! أصرت الزوجة علي دفنه في الحديقة ، التي طالما أهتم بها وأحبها في ساحة البيت . في الليلة نفسها التي دفن فيها الزوج ، نبتت علي حافة القبر زهرة تبدو كأنها عصفور ، لكن لونها كان رماديا . ثم تحولت الزهرة إلي طير طار إلي مزرعة " رودريغو " ، وأخذ يدق وينقر علي نافذته كل ليلة ، بتواتر وتعاقب صارخ ، حتي جن ... أما الزوجة المفجومة فلم تحتمل فراق زوجها ، فمرضت ثم ماتت في مرضها ذاك !وكانت قد طلبت أن تدفن في نفس القبر مع زوجها ، وكان لها ما أرادت ، وفي الليلة ذاتها التي دفنت فيها الزوجة الوفية ، تحولت الزهرة الرمادية إلي اللون البرتقالي ، حيث تفاجأ الناس بهذه الزهرة التي تشبه العصفور ... وصارت تعرف في الناس بزهرة " عصفور الجنة " بألوانها الرائعة المنسكبة علي أوراقها و... نفسها !
* وعن " النرجس " تقول أسطورته اليونانية ، إن إحدي حوريات الغابة أسمها " الصدي " قد وقعت بحب " نرسيس " الذي منحته الآلهة جمالا فائقا ، ولأجل الحفاظ علي جماله وشبابه ، لم يكن مفترضا به أن يري صورته معكوسة أبدا . لكنه كان مغرورا ، فلم يأبه كثيرا لعواطف " الصدي " التي كانت من شدة حبها له قد تلاشت فلم يبق منها شيئا إلا الصوت . وشعرت الإلهة " نمسيس " بحال " الصدي " فقررت أن تثأر لها ! فقادت " نرسيس " إلي بحيرة مضيئة ، وهناك رأي صورته معكوسة علي سطح البحيرة فذبل وإضمحل . لكن الإلهة أعتبرت إن " نمسيس " كانت قاسية في حكمها علي " نرسيس " ، فقررت تحويله إلي زهرة ، وهكذا حولته إلي " النرجس " !.
* هناك أسطورة تقول إن صبية جميلة من صقلية ، رفضت الخضوع للقهر والدمار ، حيث كانت صقلية ترزح تحت سيطرة وطغيان " سيرس " ، إله الدمار والخراب . الذي يحدث ثورات البراكين ويقتل الأشجار. فناشدت السكان رمي أنفسهم في البحر . وأثناء سقوطها هي ، تحولت المرأة ذات العيون الزرقاء إلي زهرة " إكليل الجبل " ، وقد تعلقت بالمنحدر الصخري للجبل، لتذكير الناس بالتجديد المستمر ، الذي ينبغي أن يكون ، لقوة وإستمرار الخير في العالم ، هكذا ولدت زهرة إكليل الجبل !
* أما " الياسمين " ، فهنالك أسطورة عربية تقول : أنه كان في قديم الزمان صبية بدوية تعيش في الصحراء ، أسمها ياسمين . وكانت دائما ما تغطي وجهها وشعرها بخمار شفاف. وفي يوم من الأيام ، مر بتلك الصحراء أمير ، فأثارته تلك الفتاة المغطاة ، وجذبه غموضها ، فما كان منه وإلا أن تقدم للزواج منها . وبعد أن أصبحت زوجته ، وعاشت معه سنوات عديدة في قصره المنيف ، وجدت نفسها ضجرة من العيش سجينة القصر ضمن جدرانه السميكة العالية ، وهي التي تعودت أمتدادات الصحراء في شسوعها ووسعها . فأعدت خطتها وهربت إلي واحة خضراء . وهناك خلعت خمارها معرضة وجهها للشمس، فأخذت شيئا فشيئا تتحول إلي زهرة ذات رائحة شذية ، ثم تسمت الزهرة بأسم الصبية ياسمين ، التي شعرت بالدفء والحرية ، ومن يومذاك وزهرة الياسمين تبحث في الأماكن لتعيش وتزهر في الدفء و ... تذكرنا ، بتلك الفتاة النبيلة التي تحب الحياة ، وأن تعيشها في الحرية والإنطلاق لا في القصور !
* هنالك زهرة لطيفة في شكلها ، في عطرها وفي أسمها ، وفي أسطورتها أيضا . تسمس زهرة " لا تنسيني " ، تقول أسطورتها اللطيفة : أنه كان في أحد الأيام ، شاب يتمشي مع خطيبته علي ضفاف أحد الأنهار في سهل الدانوب ، وعلي ضفاف النهر كانت تنو الزهور الزرقاء الصغيرة ، فأراد الشاب قطف زهرة ليقدمها إلي خطيبته . لكنها إحتجت إليه أن يعرض نفسه للخطر ، والنهر كان قوي التيار ، لكنه لم ينصاع لرجاءاتها فعبر النهر إلي الضفة الأخري حيث الزهور . وقطف من الزهور الزرقاء الجميلة باقة ، وهو في عودته ، وقبل أن يصل إلي الشاطي حيث محبوبته ، جرفه التيار فلم يعد قادرا علي صده عنه ، فقام بقذف باقة الزهور إليها ، وبينما التيار يجرفه بعيدا إلي حيث الدوامات صرخ إلي خطيبته قائلا : " لا تنسيني " ، ثم أختفي في دوامات المياه الهادرة ! وهنالك رواية أخري طريفة عن ذات الزهرة ، تقول : إن كبير الملائكة ، بينما كان يتمشي في جنة عدن ،لاحظ وجود زهرة صغيرة ، فسألها عن أسمها ، لكن الزهرة أخذتها الرهبة فإرتبكت في حضرته ، فوشوشت إليه ، بخجل وحياء ، " لقد نسيت أسمي " ... فقال إليها الملاك : " لا تنسيني ، وأنا لن أنساك " . وهكذا صار أسمها في الناس : لا تنسيني !
* و ... أما " السوسن " ، الذي هو الجميلة في جميلات الزهور ، فتقول عنه الأسطورة اليونانية : إن
" ديفين " كانت من أجمل نساء عصرها في اليونان القديمة ، حد أن الأزهار النائمة كانت ترفع رؤوسها ، وتفتح أكمامها – لكأنها فساتينها – عند رؤيتها . إلا أن " كيوبيد " الذي اشتهر بسهامه التي تصيب ولا تخطئ، أراد أن يتحدي " أبولو " . فرمي بسهامه الفضية ، تلك التي تملأ القلب بالكراهية إلي قلب
" ديفين " ، فكرهت الحب ونالها خوف من المحبين يسايرها في كل وقت , ولكي يزيد " كيوبيد " من مرارة "أبولو " رماه بسهمه الذهبي , الذي يملأ القلب بالحب , فدخل الحب قلبه وهام بالصبية "ديفين" التي هرعت الي والدها "جوبيتير " مستغيثة من هذا الحب الجارف . وماكاذت تنهي كلامها حتي تصلبت أعضاؤها وغارت قدماها في الأرض ، وصار رأسها أغصان شجرة متفرعة وارفة ، وبينما كان " أبولو" يلأحقها، أراد أن يرتاح قليلا في ظل الشجرة ، التي وصل إليها وماكاد يمد يده ليستند إليها حتي أحس برعشة اللحم يرتجف تحت قشرة الشجرة . فعرف أن هذه الشجرة ليست إلا محبوبته . فضم الأغصان بين ذراعيه وأقسم أمامها بالقول : "بما إنك لن تكوني زوجتي الحبيبه ، فكوني شجرتي المفضلة المحبوبة ، وسأصنع منأغصانك تاجآ أزين به رأسي ، وعندما يتقدم الفائزون إلي سدة النصر ، تكونين تأجآ علي رؤوسهم ، وكما أن الشباب الدائم من صفاتي، فستكونين خضراء دائمآ ولن يذبل ورقك " . وصنع
---------------------------------
( إذا كان لديك جنيهان ، فاشتر بأحدهما حبرا ، وبالأخر وردة :
الحبر غذاء الجسد ، و الوردة غذاء الروح ) .
منذ زمان موغل في القدم ، الورود والزهور ترافق الحياة ، فلا تغيب عنها . هي البهية الحاضرة في مناسباتنا : في الحب والزواج ، في النجاح وفي اللقاء ، في المرض والموت ، مثلما كانت منذ مبتدأ أمرها في ولادة الحياة . حضورا جميلا في حياة الناس ، في التخاطب والإتصال والتواصل ، بل منذ أن كانت وهي تستعمل كرسائل خاصة بين المحبين ، بين الملوك والملكات والشعراء ، حين كان الوقت لايتيح للتعبير عن العواطف أن يكون سهلا ميسرا بين الناس ، وعلي العواطف أن تخبئ نفسها عن الأعين والمتربصين ، أن تكون عواطفا تتأجج في القلوب لكن بخفر وخباء . حوالي القرن 17 تحولت رموز الزهور ومعانيها ودلالاتها لتأخذ لها لغة واضحة معترفا بها ، فعرفت بلغة الورد بين الناس . أشتقت دلالاتها ومعانيها من مصادر دينية ورمزية ، ولا تزال ترافقها في مسارها اللطيف حتي يوم الناس هذا . ألصقوا بها كثيرا من صفات القداسة وقليلا من صفات سوء الطالع ! يقال أن القسطينية هي التي شهدت أول بذوغ تويجات لغة الورد وأول إشاراتها علي يد الليدي " ماري والتري مونتاجو " التي كانت في عصرها كاتبة رسائل شهيرة و ... شاعرة . أصطحبت زوجها إلي الأرفة في تركيا حوالي 1716/1718 ، فأدهشتها هناك الزهور . وتقول الروايات أن هذه السيدة الأنيقة ، عالية الحساسية للحب والحياة ، كانت علي علاقة غرامية بصديق لها في إنجلترا ، فكانت ترسل إليه رسائل كثيرة ، كان محورها وجوهرها الورود والزهور ... كشف عن هذه الرسائل القيمة بعد وفاتها ، فأطلعت أوربا ، لأول مرة ، علي هذه اللغة الجديدة غير المعهودة من قبل ، لغة الورد ! رسائلها هي التي قالت ، هي التي أفصحت وأبانت أن معاني النباتات والزهور يمكنها أن تحمل – بحنان رحيم – رسائل الحب والعواطف بين الناس . وبعد مضي أكثر من عام تقريبا ، قامت السيدة " شارلوت دي لاتور " بوضع أول معجم للزهور في التاريخ العام 1818 في باريس ووضعته بالفرنسية وحمل أسم " لغة الأزهار " ، أنتشر هذا المعجم الفريد سريعا في العالم ، ثم بدأت مسيرة العلم نفسه صوب الزهور والورود ، وأصبحت الورود وسيمة ويانعة ترافق عواكف المحبين والعشاق !
المرأة الوردة وأساطير الورود :
منذ زمان بعيد درج الناس علي تشبيه المرأة بالوردة ، بقرينة الجمال والشذي في كليهما . وتذكر الميثولوجيات القديمة أن الزهور كانت في أول أمرها صبايا جميلات ، قتلهن الحب فتحولن إلي زهور وإلي ورود ! هكذا ، أصبح التعبير شائعا ، أن يهدي المحب وردة إلي حبيبته في مبتدي حبهما ثم تستمر الوردة بينهما تصاحبهما وتشاركهما الحياة . لربما هي محاولة للعودة إلي أساطير عاشها الناس يوما حول الورود والحب والنساء ... لنري بعضا من هذه الأساطير الجميلات .
* تقول الأسطورة حول زهرة " النجمة " : أن إستيريا ملكة السماء أخذت تبكي عندما نظرت إلي الأرض ولم تجد فيها نجوما . فنبتت زهرة النجمة في الموضع الذي سقطتت فيه دموعها .
* نبتت زهرة " الزنبق " من دموع حواء عندما طردت من جنة عدن بعد ما عرفت بأنها حامل ، ويتخذونها رمزا للأمومة في الصين إستنادا إلي هذه الأسطورة . وهناك أسطورة أخري تقول : أن زهرة الزنبق قد كرست ل " هيرا " زوجة " زيوس " التي كانت ترضع طفلها " هرقل " فنامت أثناء رضاعته ، وعندما أستيقظت مذعورة ، قذفت بالطفل بعيدا عنها ، فتدفق حليبها مشكلا مجرة درب اللبانة / التبانة لكن بضع نقاط من ذلك الحليب وقعت علي الأرض فنبتت زهرة الزنبق !
* تروي أسطورة إنجليزية أن ملك الثلج شعر بالوحدة في قصره الجليدي ، حيث كل شئ صامت وجامد ، فبعث جنوده للبحث له عن فتاة جميلة تدخل الدفء والسعادة إلي قلبه . وجد الجنود فتاة خجولا أسمها فيوليت ( بنفسج ). أحضروها له ، فوقع في حبها لتوه وتحول تحت تأثيرها من رجل قاسي القلب ، وعبوس ، إلي رجل لطيف وحنين . رجته فيوليت مرة للذهاب لزيارة أهلها ، فسمح لها أن تقوم بالزيارة في الربيع شرط أن تكون علي شكل زهرة ، ثم تعود إليه في الشتاء ، هكذا تحولت الصبية الصغيرة الجميلة إلي زهرة حملت أسمها : بنفسجة !
* تقول الأسطورة : أن " كرو كوس " كان راعيا شابا يتمتع بروح نبيلة ، وقد وقع في حب حورية جميلة أسمها " سميكلاكس " . تأثرت الآلهة بعمق حبه وهيامه ، وتعاطفت مع قلبه النبيل وعواطفه ، فحولته إلي زهرة أبدية لاتموت ، إلي زهرة " الزعفران " ، فتعلقت بها " سميكلاكس " حتي الموت !
* التوليب : تقول أحدي الأساطير الإيرانية أن شابا أسمه " فرهاد " وقع في حب فتاة أسمها " شيرين " و ... ياللحسرة ، فقد وصله يوما خبر موتها ! حزن عليها حزنا شديدا ، ودفعه حزنه ويأسه إلي أن يقفز بجواده من أعلي أحد الجبال ، فلقي حتفه فورا . وفي المكان ، حيث نزفت دماؤه ، كانت تنبت من كل نقطة زهرة تيوليب جميلة يانعة ، رمزا لحبه المخلص ، فأرتبطت الزهرة من يومها بهذا الرمز وأصبحت زهرة احب عند الإيرانيين القدماء وحتي اليوم !
* أما زهرة الربيع / ديزي ، فبحسب أسطورتها الرومانية ، فأن ملك الغابة غضب من حبيبته عندما راقصت ملكا غيره ، فشعر بالغيظ والغيرة من حبيبته ، ولكي يتفادي مواجهته ، ومنعا للحرج ، حولت نفسها إلي زهرة الربيع ... ديزي ، فأرتبطت الزهرة بقيم التواضع والبساطة والإيثار !
* تقول أسطورة إسبانية ، أنه في قديم الزمان ، وصل إلي إسبانيا شاب شهم وكريم الأخلاق ، أقام في بستان أخضر كثير الخضرة يسمي " الجنة " من فرط جماله ، هناك تعرف علي خلاسية شابة ، سرعان ما أحبها وتزوجها . وصدف أن كان يقيم في مزرعة مجاورة شاب أسمه " رودريغو " أقسم علي الإنتقام من الشابة الخلاسية ، التي كانت قد رفضت عرضه الزواج بها ، فلجأ للحيلة لتكون وسيلته للإنتقام منها ، فتقرب من زوج الفتاة ، حتي كان أن دس له السم ذات ليلة في طعامه . مرض الزوج جدا ومات دون أن يعرف أحد السبب ! أصرت الزوجة علي دفنه في الحديقة ، التي طالما أهتم بها وأحبها في ساحة البيت . في الليلة نفسها التي دفن فيها الزوج ، نبتت علي حافة القبر زهرة تبدو كأنها عصفور ، لكن لونها كان رماديا . ثم تحولت الزهرة إلي طير طار إلي مزرعة " رودريغو " ، وأخذ يدق وينقر علي نافذته كل ليلة ، بتواتر وتعاقب صارخ ، حتي جن ... أما الزوجة المفجومة فلم تحتمل فراق زوجها ، فمرضت ثم ماتت في مرضها ذاك !وكانت قد طلبت أن تدفن في نفس القبر مع زوجها ، وكان لها ما أرادت ، وفي الليلة ذاتها التي دفنت فيها الزوجة الوفية ، تحولت الزهرة الرمادية إلي اللون البرتقالي ، حيث تفاجأ الناس بهذه الزهرة التي تشبه العصفور ... وصارت تعرف في الناس بزهرة " عصفور الجنة " بألوانها الرائعة المنسكبة علي أوراقها و... نفسها !
* وعن " النرجس " تقول أسطورته اليونانية ، إن إحدي حوريات الغابة أسمها " الصدي " قد وقعت بحب " نرسيس " الذي منحته الآلهة جمالا فائقا ، ولأجل الحفاظ علي جماله وشبابه ، لم يكن مفترضا به أن يري صورته معكوسة أبدا . لكنه كان مغرورا ، فلم يأبه كثيرا لعواطف " الصدي " التي كانت من شدة حبها له قد تلاشت فلم يبق منها شيئا إلا الصوت . وشعرت الإلهة " نمسيس " بحال " الصدي " فقررت أن تثأر لها ! فقادت " نرسيس " إلي بحيرة مضيئة ، وهناك رأي صورته معكوسة علي سطح البحيرة فذبل وإضمحل . لكن الإلهة أعتبرت إن " نمسيس " كانت قاسية في حكمها علي " نرسيس " ، فقررت تحويله إلي زهرة ، وهكذا حولته إلي " النرجس " !.
* هناك أسطورة تقول إن صبية جميلة من صقلية ، رفضت الخضوع للقهر والدمار ، حيث كانت صقلية ترزح تحت سيطرة وطغيان " سيرس " ، إله الدمار والخراب . الذي يحدث ثورات البراكين ويقتل الأشجار. فناشدت السكان رمي أنفسهم في البحر . وأثناء سقوطها هي ، تحولت المرأة ذات العيون الزرقاء إلي زهرة " إكليل الجبل " ، وقد تعلقت بالمنحدر الصخري للجبل، لتذكير الناس بالتجديد المستمر ، الذي ينبغي أن يكون ، لقوة وإستمرار الخير في العالم ، هكذا ولدت زهرة إكليل الجبل !
* أما " الياسمين " ، فهنالك أسطورة عربية تقول : أنه كان في قديم الزمان صبية بدوية تعيش في الصحراء ، أسمها ياسمين . وكانت دائما ما تغطي وجهها وشعرها بخمار شفاف. وفي يوم من الأيام ، مر بتلك الصحراء أمير ، فأثارته تلك الفتاة المغطاة ، وجذبه غموضها ، فما كان منه وإلا أن تقدم للزواج منها . وبعد أن أصبحت زوجته ، وعاشت معه سنوات عديدة في قصره المنيف ، وجدت نفسها ضجرة من العيش سجينة القصر ضمن جدرانه السميكة العالية ، وهي التي تعودت أمتدادات الصحراء في شسوعها ووسعها . فأعدت خطتها وهربت إلي واحة خضراء . وهناك خلعت خمارها معرضة وجهها للشمس، فأخذت شيئا فشيئا تتحول إلي زهرة ذات رائحة شذية ، ثم تسمت الزهرة بأسم الصبية ياسمين ، التي شعرت بالدفء والحرية ، ومن يومذاك وزهرة الياسمين تبحث في الأماكن لتعيش وتزهر في الدفء و ... تذكرنا ، بتلك الفتاة النبيلة التي تحب الحياة ، وأن تعيشها في الحرية والإنطلاق لا في القصور !
* هنالك زهرة لطيفة في شكلها ، في عطرها وفي أسمها ، وفي أسطورتها أيضا . تسمس زهرة " لا تنسيني " ، تقول أسطورتها اللطيفة : أنه كان في أحد الأيام ، شاب يتمشي مع خطيبته علي ضفاف أحد الأنهار في سهل الدانوب ، وعلي ضفاف النهر كانت تنو الزهور الزرقاء الصغيرة ، فأراد الشاب قطف زهرة ليقدمها إلي خطيبته . لكنها إحتجت إليه أن يعرض نفسه للخطر ، والنهر كان قوي التيار ، لكنه لم ينصاع لرجاءاتها فعبر النهر إلي الضفة الأخري حيث الزهور . وقطف من الزهور الزرقاء الجميلة باقة ، وهو في عودته ، وقبل أن يصل إلي الشاطي حيث محبوبته ، جرفه التيار فلم يعد قادرا علي صده عنه ، فقام بقذف باقة الزهور إليها ، وبينما التيار يجرفه بعيدا إلي حيث الدوامات صرخ إلي خطيبته قائلا : " لا تنسيني " ، ثم أختفي في دوامات المياه الهادرة ! وهنالك رواية أخري طريفة عن ذات الزهرة ، تقول : إن كبير الملائكة ، بينما كان يتمشي في جنة عدن ،لاحظ وجود زهرة صغيرة ، فسألها عن أسمها ، لكن الزهرة أخذتها الرهبة فإرتبكت في حضرته ، فوشوشت إليه ، بخجل وحياء ، " لقد نسيت أسمي " ... فقال إليها الملاك : " لا تنسيني ، وأنا لن أنساك " . وهكذا صار أسمها في الناس : لا تنسيني !
* و ... أما " السوسن " ، الذي هو الجميلة في جميلات الزهور ، فتقول عنه الأسطورة اليونانية : إن
" ديفين " كانت من أجمل نساء عصرها في اليونان القديمة ، حد أن الأزهار النائمة كانت ترفع رؤوسها ، وتفتح أكمامها – لكأنها فساتينها – عند رؤيتها . إلا أن " كيوبيد " الذي اشتهر بسهامه التي تصيب ولا تخطئ، أراد أن يتحدي " أبولو " . فرمي بسهامه الفضية ، تلك التي تملأ القلب بالكراهية إلي قلب
" ديفين " ، فكرهت الحب ونالها خوف من المحبين يسايرها في كل وقت , ولكي يزيد " كيوبيد " من مرارة "أبولو " رماه بسهمه الذهبي , الذي يملأ القلب بالحب , فدخل الحب قلبه وهام بالصبية "ديفين" التي هرعت الي والدها "جوبيتير " مستغيثة من هذا الحب الجارف . وماكاذت تنهي كلامها حتي تصلبت أعضاؤها وغارت قدماها في الأرض ، وصار رأسها أغصان شجرة متفرعة وارفة ، وبينما كان " أبولو" يلأحقها، أراد أن يرتاح قليلا في ظل الشجرة ، التي وصل إليها وماكاد يمد يده ليستند إليها حتي أحس برعشة اللحم يرتجف تحت قشرة الشجرة . فعرف أن هذه الشجرة ليست إلا محبوبته . فضم الأغصان بين ذراعيه وأقسم أمامها بالقول : "بما إنك لن تكوني زوجتي الحبيبه ، فكوني شجرتي المفضلة المحبوبة ، وسأصنع منأغصانك تاجآ أزين به رأسي ، وعندما يتقدم الفائزون إلي سدة النصر ، تكونين تأجآ علي رؤوسهم ، وكما أن الشباب الدائم من صفاتي، فستكونين خضراء دائمآ ولن يذبل ورقك " . وصنع
" أبولو " من ورقها تأجآ ، وضعه علي رأسه إكرامآ لحبيبته ،
وذكري دائمه لحبه . ولم تكن هذه الصغيرة الجميلة في الشجيرات إلا " السوسنة
" . فظل السوسن من أشرف الأزهار علي الأطلاق ، وترمز إلى الإيثار والمجد
والإنتصار البهيج والحب في عنفوانه الدائم ، وسيمآ في ملامحه وعطره ويبهج الحياة .
هذه بعضا من أساطير الورود ، وهي ، كما ترونها ، لبعضها أيضا . ولكن ماذا عن " السوسن " ؟
فقد كنت منذ وقت مبكر قد اخترت أن أكتب بعض الشعر تحت عنوان " السوسنة " . كثيرون يسألونني عنها ، من هي و ... لماذا " السوسنة " ؟ قلت ، إذن ، لأكتب شيئا عنهما : السوسن والسوسنة .
زهرة السوسن ،
براح في مخيلتي
فضاء بالهوي مثخن .
يبوح في قلبي ،
يبوح كأنه ....................
شفتاه في شفتي
فيهمس لي :
غدا أحسن !
أحاول أن أحاوره ،
فأتيه بعطره شجنا
وتحنانا
ووجدا
كلما أمكن !
فيغدو خافقي وترا
لأغنية بها دندن .
فكيف الحال تغريدا
وموسيقي ...
وكيف الشوق والتبريح
ياسوسن ؟
تجمل ضفتي اليسري ،
تزهر جنبي الأيمن .
تترجم صحوها عطرا
وتحنانا
صار في رؤياي
هو المسكن !
فمن هو السوسن ؟
يستمد السوسن أسمه من كلمة تعني " قوس قزح " في الأغريقية . والسوسنة متنوعة ومختلفة الألوان والعديد من الأصناف ، منها : الزهري / الأبيض / البنفسجي / الأزرق / الأرجواني والأصفر . وتعتبر من النباتات المعمرة فهي تعيش لأكثر من عامين ، تنمو وتتكاثر بسرعة مذهلة ، وأن لم ينتبه إليها فإنها ستغزو الحديقة كلها لا محالة . تكون – عادة – السوسنة متألقة ويانعة باستمرار، أما علي ساق وحيدة أو علي عدة تفريعات ، لكن نموها الأساس يكون علي ساق واحدة رئيسية . ينمو السوسن من الأبصال أو البذور أو من القصاصات ، حيث يمكن فصل القصاصات بسهولة ، فتبدو القصاصة كحبة بطاطا طويلة ورفيعة متصلة بجذر من الأسفل . تتحمل الظروف الطبيعية الصعبة ، وتفضل أن تنمو في جو مشمس كليا ، لكنها تتحمل الظل الخفيف ونادرا ما تتعرض للأمراض ، تعيش جل أدوار حياتها معافاة يانعة . لها أوراق بهيئة السيف : ستة أوراق تويجية ، منها ثلاثة منتصبة معروفة بالقياسية ، والثلاثة الأخري تحتية مقوسة معروفة بالإنهيارات ، وقد تكون لها لحي أو بدونها ... تظهر بذورها أواخر الشتاء وحتي أواخر الصيف .
السوسن غني جدا بألوانه المتنوعة ، لكأنها تتجول بين الألوان ، في رحابها بالذات ، ويصل بها تجوالها اللوني إلي اللون الأسود ، ياااااااه ، لكأنها ترتدي فستان سهرتها الأسود ، منظرها جذاب ، وعطرها قوي نفاذ ولاذع ، في حفل الزهور هي حاملة العديد من العواطف ، والنقاء والفرح ، هي الجميلة في المزهرات الناضرات . ما يدهشني ، أنها تحيط بيئتها بالشوك ، كأنها تقصد أن يجرحها ، وحين يجرحها – يبدو إنها تلتذ – إذ سرعان ما تدلق من أوراقها وزهرتها ، رائحة في منتهي الجمال والعذوبة ، لكأنها تحتاجه : الجرح !
لذا ، بسبب من كل هذه المواجد في السوسن ،
أسميتها الحبيبة : السوسنة !
الحبيبة
مرآة العاشــــــق ،
تتخلي - أحيانا - عن هودجها ...
في ملكوتها الذي يكون بشكل الفردوس ؛
ترابا وماءا ،
وهواءا وأنا ...
لتختال بكامل بهاء أنوثتها ،
ومفاتن جسدهاعلي طول المرآة وعرضها ...
حتي لتخال - أنت عاشقها - أن ثمة لغة شعرية يكتبها الجسد ...
الذي تحول في لحظة الإنخطاف بالرؤيا ،
إلي كائن شعري يزاحم اللغة ،
في جدلية الحضور والغياب !
وأحيانا آخري تكون المرأة / الجسد
بكامل بهائها ،
مثل الحوريات،
في العرس الأسطوري لآلهة الحب ،
وآلهات الموسيقي والغناء ...
فتملأ ردهات البيوت وغرف المكاتب ،
والميادين المكتظة بالناس والأشياء ،
بهالات أسطورية كرنفالية وفرائحية
مشبعة بالضوء والظل ...
والنغم والحركة ،
بالورد والعطر
و ... المطر !
تلك هي : المرأة / الحبيبة
عاشقة الحياة والمجد ،
المرأة السوسنة !
هذه بعضا من أساطير الورود ، وهي ، كما ترونها ، لبعضها أيضا . ولكن ماذا عن " السوسن " ؟
فقد كنت منذ وقت مبكر قد اخترت أن أكتب بعض الشعر تحت عنوان " السوسنة " . كثيرون يسألونني عنها ، من هي و ... لماذا " السوسنة " ؟ قلت ، إذن ، لأكتب شيئا عنهما : السوسن والسوسنة .
زهرة السوسن ،
براح في مخيلتي
فضاء بالهوي مثخن .
يبوح في قلبي ،
يبوح كأنه ....................
شفتاه في شفتي
فيهمس لي :
غدا أحسن !
أحاول أن أحاوره ،
فأتيه بعطره شجنا
وتحنانا
ووجدا
كلما أمكن !
فيغدو خافقي وترا
لأغنية بها دندن .
فكيف الحال تغريدا
وموسيقي ...
وكيف الشوق والتبريح
ياسوسن ؟
تجمل ضفتي اليسري ،
تزهر جنبي الأيمن .
تترجم صحوها عطرا
وتحنانا
صار في رؤياي
هو المسكن !
فمن هو السوسن ؟
يستمد السوسن أسمه من كلمة تعني " قوس قزح " في الأغريقية . والسوسنة متنوعة ومختلفة الألوان والعديد من الأصناف ، منها : الزهري / الأبيض / البنفسجي / الأزرق / الأرجواني والأصفر . وتعتبر من النباتات المعمرة فهي تعيش لأكثر من عامين ، تنمو وتتكاثر بسرعة مذهلة ، وأن لم ينتبه إليها فإنها ستغزو الحديقة كلها لا محالة . تكون – عادة – السوسنة متألقة ويانعة باستمرار، أما علي ساق وحيدة أو علي عدة تفريعات ، لكن نموها الأساس يكون علي ساق واحدة رئيسية . ينمو السوسن من الأبصال أو البذور أو من القصاصات ، حيث يمكن فصل القصاصات بسهولة ، فتبدو القصاصة كحبة بطاطا طويلة ورفيعة متصلة بجذر من الأسفل . تتحمل الظروف الطبيعية الصعبة ، وتفضل أن تنمو في جو مشمس كليا ، لكنها تتحمل الظل الخفيف ونادرا ما تتعرض للأمراض ، تعيش جل أدوار حياتها معافاة يانعة . لها أوراق بهيئة السيف : ستة أوراق تويجية ، منها ثلاثة منتصبة معروفة بالقياسية ، والثلاثة الأخري تحتية مقوسة معروفة بالإنهيارات ، وقد تكون لها لحي أو بدونها ... تظهر بذورها أواخر الشتاء وحتي أواخر الصيف .
السوسن غني جدا بألوانه المتنوعة ، لكأنها تتجول بين الألوان ، في رحابها بالذات ، ويصل بها تجوالها اللوني إلي اللون الأسود ، ياااااااه ، لكأنها ترتدي فستان سهرتها الأسود ، منظرها جذاب ، وعطرها قوي نفاذ ولاذع ، في حفل الزهور هي حاملة العديد من العواطف ، والنقاء والفرح ، هي الجميلة في المزهرات الناضرات . ما يدهشني ، أنها تحيط بيئتها بالشوك ، كأنها تقصد أن يجرحها ، وحين يجرحها – يبدو إنها تلتذ – إذ سرعان ما تدلق من أوراقها وزهرتها ، رائحة في منتهي الجمال والعذوبة ، لكأنها تحتاجه : الجرح !
لذا ، بسبب من كل هذه المواجد في السوسن ،
أسميتها الحبيبة : السوسنة !
الحبيبة
مرآة العاشــــــق ،
تتخلي - أحيانا - عن هودجها ...
في ملكوتها الذي يكون بشكل الفردوس ؛
ترابا وماءا ،
وهواءا وأنا ...
لتختال بكامل بهاء أنوثتها ،
ومفاتن جسدهاعلي طول المرآة وعرضها ...
حتي لتخال - أنت عاشقها - أن ثمة لغة شعرية يكتبها الجسد ...
الذي تحول في لحظة الإنخطاف بالرؤيا ،
إلي كائن شعري يزاحم اللغة ،
في جدلية الحضور والغياب !
وأحيانا آخري تكون المرأة / الجسد
بكامل بهائها ،
مثل الحوريات،
في العرس الأسطوري لآلهة الحب ،
وآلهات الموسيقي والغناء ...
فتملأ ردهات البيوت وغرف المكاتب ،
والميادين المكتظة بالناس والأشياء ،
بهالات أسطورية كرنفالية وفرائحية
مشبعة بالضوء والظل ...
والنغم والحركة ،
بالورد والعطر
و ... المطر !
تلك هي : المرأة / الحبيبة
عاشقة الحياة والمجد ،
المرأة السوسنة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق