كتابة
إليه ، إلي الحزب وإلي شعبنا في ذكري رحيله** :
( 1 )
رسالة إلي نقد إذ يتأهب للسفر إلي لندن طلبا للعلاج !
-------------------------------------------------------------------
الطلمبات علي الطريق الزراعي
لاتزال " مركونة " بجوار حرازة يابسة !
وبيوت التفاتيش تعرت ،
تهدمت جدرانها ...
وحلت بها النازلة !
كنا قد شربنا القهوة وغسلنا الوجوه
ونظفنا الأحذية من غبار الحقل ...
وحين مررنا يوم ، " الأجتماع الحزبي " ،
لم نشرب القهوة
ولم نغسل الوجوه ،
ولم ننظف الأحذية من الغبار !
لكأن الشمس قد غابت ،
وإنتكس الشعار !
ربما كان السبب
تصلب الشريان المؤدي إلي قلب
سكرتير الحزب ...
أو ندرة الغبار في ذلك اليوم
أو بسبب من الجفاف الذي أصاب المشروع
في العهد " الأنقاذي " الكالح !
مع أن الطلمبات ماتزال علي حالها
بجوار الحرازة !
هادئة وساكنة كجثة ،
وقد تصلبت دواليبها ...
لم يمر عليها غير مسئول الحزب ،
جمع الصغار حوله ذلك المساء
وبعض المزارعين ،
وتر " الطمبور " وشرع يغني :
" ياليل السودان ،
متي يجئ الفجر
للناس الحرية
وللبلد ماء النهر ؟!" ...
ويناشد شعبا أعزل ،
" أن يبعث رسلا في الطير
ويحمل رنات الطمبور
تهدهده
أن هبط الوسن يلاقي المعشوق
فأن هبط السلطان المجرم يفقده
ينزف عامل في السفح
وفي السدرة ينزف زارعه " !
كانت الطلمبات تصغي للموال
خلف " رواكيب " المزارعين !
فمن تري المسئول عن عدم غسل الوجوه
وأدارة اجتماع الحزب ؟
هل الشريان الذي اختار التصلب
في قلب سكرتير الحزب ؟
أم هو الحال الذي آل إليه المشروع ؟
هل تسرع الرئتان في إنجاز التنفس ؟
هل خديعة " الحكومة ذات القاعدة العريضة " ؟
هل تكاثر الأحزاب وتضاؤل الفاعلية ؟
هل التعثرات الكثيرة في عمل الحزب ؟
أم هو العمر الذي أنقضي جله
في تعبيد الطريق للبلد ؟
الطلمبات علي الطريق الزراعي
ما تزال علي حالها ،
لكن المؤكد أن الغبار
أنتقل من الأحذية إلي الحجاب الحاجز !
مع أن السيدة المسئولة في حاسوب الحزب ،
إندهشت حد البكاء
جراء قول المسئول في " هيئة تحرير الميدان " :
" نقد مريض ...
ويعاني خللا في القلب " !
الصبية التي كانت تحمل شعار الحزب ،
صرخت ،
لكنها رفعت الشعار عاليا
و ... هتفت :
" يانقد
أوعك تموت ،
أوعك تفوت
وتخلينا حياري في ضل البيوت " !
في الأسبوع التالي ،
طلع في الناس " مانشيت الميدان " :
" يا أبناء وبنات السودان
نقد يعود
في ردهات الحزب يمشي ،
" يقدل " في الأناشيد السماويات ،
أهزوجة في صوت الكمان " !
-----------------------------------------------------
- مساء الخميس 22/3/2012 رحل بالعاصمة البريطانية لندن الأستاذ/ محمد إبراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني الذي كان قد ذهب إليها مستشفيا ... ، وكنت قد كتبتها عشية سفره ، ثم هاتفته ، متمنيا إليه سفرا طيبا وعودة معافاة للوطن وللحزب . ثم قرأتها إليه وإستاذنته في نشرها ، فوافق قائلا : " أنشرا ، لو رجعت بقراها مطبوعة ، ولو ما جيت بكون سويت العلي " ، فتأملوا!
( 2 )
نقد أنهض الحزب و ... الوطن !
------------------------------------------
( 1 )
رسالة إلي نقد إذ يتأهب للسفر إلي لندن طلبا للعلاج !
-------------------------------------------------------------------
الطلمبات علي الطريق الزراعي
لاتزال " مركونة " بجوار حرازة يابسة !
وبيوت التفاتيش تعرت ،
تهدمت جدرانها ...
وحلت بها النازلة !
كنا قد شربنا القهوة وغسلنا الوجوه
ونظفنا الأحذية من غبار الحقل ...
وحين مررنا يوم ، " الأجتماع الحزبي " ،
لم نشرب القهوة
ولم نغسل الوجوه ،
ولم ننظف الأحذية من الغبار !
لكأن الشمس قد غابت ،
وإنتكس الشعار !
ربما كان السبب
تصلب الشريان المؤدي إلي قلب
سكرتير الحزب ...
أو ندرة الغبار في ذلك اليوم
أو بسبب من الجفاف الذي أصاب المشروع
في العهد " الأنقاذي " الكالح !
مع أن الطلمبات ماتزال علي حالها
بجوار الحرازة !
هادئة وساكنة كجثة ،
وقد تصلبت دواليبها ...
لم يمر عليها غير مسئول الحزب ،
جمع الصغار حوله ذلك المساء
وبعض المزارعين ،
وتر " الطمبور " وشرع يغني :
" ياليل السودان ،
متي يجئ الفجر
للناس الحرية
وللبلد ماء النهر ؟!" ...
ويناشد شعبا أعزل ،
" أن يبعث رسلا في الطير
ويحمل رنات الطمبور
تهدهده
أن هبط الوسن يلاقي المعشوق
فأن هبط السلطان المجرم يفقده
ينزف عامل في السفح
وفي السدرة ينزف زارعه " !
كانت الطلمبات تصغي للموال
خلف " رواكيب " المزارعين !
فمن تري المسئول عن عدم غسل الوجوه
وأدارة اجتماع الحزب ؟
هل الشريان الذي اختار التصلب
في قلب سكرتير الحزب ؟
أم هو الحال الذي آل إليه المشروع ؟
هل تسرع الرئتان في إنجاز التنفس ؟
هل خديعة " الحكومة ذات القاعدة العريضة " ؟
هل تكاثر الأحزاب وتضاؤل الفاعلية ؟
هل التعثرات الكثيرة في عمل الحزب ؟
أم هو العمر الذي أنقضي جله
في تعبيد الطريق للبلد ؟
الطلمبات علي الطريق الزراعي
ما تزال علي حالها ،
لكن المؤكد أن الغبار
أنتقل من الأحذية إلي الحجاب الحاجز !
مع أن السيدة المسئولة في حاسوب الحزب ،
إندهشت حد البكاء
جراء قول المسئول في " هيئة تحرير الميدان " :
" نقد مريض ...
ويعاني خللا في القلب " !
الصبية التي كانت تحمل شعار الحزب ،
صرخت ،
لكنها رفعت الشعار عاليا
و ... هتفت :
" يانقد
أوعك تموت ،
أوعك تفوت
وتخلينا حياري في ضل البيوت " !
في الأسبوع التالي ،
طلع في الناس " مانشيت الميدان " :
" يا أبناء وبنات السودان
نقد يعود
في ردهات الحزب يمشي ،
" يقدل " في الأناشيد السماويات ،
أهزوجة في صوت الكمان " !
-----------------------------------------------------
- مساء الخميس 22/3/2012 رحل بالعاصمة البريطانية لندن الأستاذ/ محمد إبراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني الذي كان قد ذهب إليها مستشفيا ... ، وكنت قد كتبتها عشية سفره ، ثم هاتفته ، متمنيا إليه سفرا طيبا وعودة معافاة للوطن وللحزب . ثم قرأتها إليه وإستاذنته في نشرها ، فوافق قائلا : " أنشرا ، لو رجعت بقراها مطبوعة ، ولو ما جيت بكون سويت العلي " ، فتأملوا!
( 2 )
نقد أنهض الحزب و ... الوطن !
------------------------------------------
برحيل التجاني* ،
فاض قلبه بوجع السنين
فنزف للتو مرتين .
رفيق حزبه قضي ،
غاب – فجأة – كما الندي !
فخالطه شيئا من الأنين
و الأسي
وأنجرح من قلبه البطين !
ستون عاما قضاها في النضال
و ... في النزال !
ويفهمنا : " أن الأختلاف في الناس
رحمة
والتسامح في بلادنا
سيرة سمحة ! "
ثم راح يحصي نبضات القلب
إذ تتقلب بين الخلايا والأوردة
من ساقه إلي رئتيه ...
جراء المطاردة والأختفاء والسجن
وتشغيل ماكينة الحزب
كي تصد عن الوطن المحرقة !
وهو ...،
في الأتون من صخب المرحلة ،
في الأتون من صخب المرحلة ،
لم ينتبه لقلبه ...
لم يرحمه ،
وظل يغمغم :
" حزبي وشعبي
يشدان من أذري " !
ولا يعاود أختصاصي الشرايين ،
الذي سيحتاجه يوما ما لقلبه ،
وللجميلة التي يعشقها في الحزب...
وللعاديات الطارئات
يتربصن إليه الدرب !
حين رحل وردي* ،
أعتصره ألما مفاجئا داعب العصب
فكفكف دمعتين
كلمتين
و ... أغنية !
ترك الحزب لأول مرة
عندما أنهك الجسد ألم الفراق ،
وإلتحف السحاب من مقعده
في الطائرة !
وهناك ... ،
في البرهة التي رأي فيها الوطن
ينذر بالفاجعة !
في " سانت ماري " غفي ،
فلم ينتبه أنهم يزودونه بالقسطرة !
خفق – للمرة الأخيرة – قلبه
برحيل حميد* الكارثة !
فغمغم ثانية ،
بشفاه مشققة
يابسة :
" ياللوجع المتواتر
يأتيني من قلب العاصفة "
وأنفرط القلب منه
كالمسبحة !
لكنه كان في المنورين ،
يريد أن ينزع السيف
من جسد الغمام ،
كي يجاور المرايا بالمرايا
والأغاني بالصبايا !
ولم يكن مضطرا
أن يثبت لمجايليه المعاصرين
أن الحزب لا يذهب
في معية الراحلين !
المعلم الذي كان يبتسم حين
تعتصره المحن ...
ويردد :
" أن نفع الحزب في شبابه ،
وعطره يضوع من نضاله !".
لكنه آثر أن يضمد الجراح كلها
ولا يتزحزح عن خانة القضب
ولا تقاعس يوما عن واجبات الحزب !
وعندما كتب سيرة " الرق "*
كان يحدق في ملامح الوطن
ويبصر في الأيادي الأفق
والناس سواسية
تقارع الحادثات
نازلة نازلة !
ثم نظر في " النزعات "*
فأبان مسيرة العرب العاربة !
وظل يردد : نعم يا درويش ،
" الأيدلوجيا مهنة البوليس "
لكنها ... ،
لكنها ... ،
باقية باقية
شمسا في الشموس ،
باهية و ... ساطعة !*
فهل أطمأن إذ رحل ،
لحال الجميلات
والجميلون في الوطن ؟
وأن الحزب يكون
ترياقا يضمد منا جراح الزمن ؟
ثم راح في غيبوبة القلب
كي يصيح في الناس :
" لا تصدقوا المخادعون في المرحلة
فالطغاة إلي الجب
والبقاء – يارفاقي – لمسيرة
الشعب والحزب ،
فهي وحدها
خالدة باقية ! " .
أطمأن إذ رحل ،
حين رأي الغد أخضرا
وأحمرا
وكيف شيعه الوطن ،
بالحشود الحاشدة
أنها قيامة البلد ...
كأن قد أزف وقتها :
الثورة القادمة !
----------------------------------------
* نقد ، محمد إبراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني الذي
رحل مساء يوم الخميس 22/3/2012 بمستشفي " سانت ماري " بضواحي لندن !
* تجاني ، التجاني الطيب بابكر عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب
الشيوعي السوداني رئيس تحرير " الميدان " الناطقة باسم الحزب ، صديق عمر
ورفيق كفاح طويل مهيب للراحل نقد ، قد رحل مساء الأربعاء 23/11/2011م.
* وردي ، فنان وموسيقار السودان الكبير الذي رحل ليلة السبت
18/2/2012
بمستوصف فضيل الطبي بالعاصمة السودانية الخرطوم !
* حميد ، محمد الحسن سالم " حميد " شاعر العامية الكبير الذي
رحل جراء حادث حركة صباح الثلاثاء 20/3/2012 !
* الرق ، إشارة لكتابيه : " علاقات الرق في السودان " و
" علاقات الأرض في السودان " وهما - معا – من أغني المصادر المعرفية في موضوعهما
في المكتبة السودانية !
* النزعات ، إشارة لكتابه المهم : " حول النزعات المادية في الفلسفة
العربية الأسلامية " وهو حواره الثر مع كتاب " النزعات " للمفكر الشهيد
حسين مروة وقد قدم للكتاب الراحل محمود أمين العالم وصدر عن دار الفارابي !
* الأيدولوجيا
، إشارة لمساهمته الضرورية حول مفهوم الأيدلوجيا حيث تتبع – بدقة العالم الذكي – مسار
المفهوم منذ بداياته حتي معالجاته لدي ماركس وانجز وأبان بوضوح جلي ما وقع من خلط و
" تخليط " بين الأيدلوجيا والعلم ، ثم دعا لسيادتها كمنهج يتطور تبعا لتطور
الحياة والتاريخ لصالح تقدم البشرية ونهوضها صوب مستقبل زاهر و ... أفضل !** نشرت في " الميدان " اليوم الثلاثاء 22/3/2016 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق